كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 219 """"""
واستمر ملك هذه البلاد في هذا البيت إلى الآن .
نعود إلى أخبار السلطان الملك الظاهر
.
قال : ثم رحل السلطان وخيم بمرج أنطاكية ، وانبثت العساكر في تلك المروج ورعت الأعشاب ، ثم رحل .
ذكر منازلة حصن القصير وفتحه
هذا الحصن مما لم يفتحه السلطان الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن أيوب رحمه الله ، وقيل إنه صالح عليه ، وما زال لمن يكون بابا برومية ؛ والبابا خليفة عند الفرنج ينفذ أمره وحكمه في سائر ملوك الفرنج .
وأمر الحصن راجع إلى بترك أنطاكية ، والفرنج تميزه وتؤثره . وأهله أهل شره ومنعه وفساد ، وكان مضرة على الفرعة وتلك الجهات . ولما فتح السلطان أنطاكية سأل أهل القصير الهدنة والمناصفة ، فأجيبوا إلى ذلك كما قدمناه . فما وفوا وأخفوا في المناصفة . ولما وصل صمغار " مقدم التتار " إلى جهة حارم ضرب أهل القصير البشائر ، ودلوا على الطريق وأمثال ذلك مما يقتضي فسخ الهدنة . وكان السلطان قد رسم للأمير سيف الدين الدوادار بالتردد إلى كليام النائب بالقصير وإظهار مصافاته . واعتمد ذلك وتوجه المذكور إليه في خامس عشر شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، ومعه جماعة من السلاح دارية بصورة أصحابه ، فوصلوا إلى القصير وأظهر الأمير سيف الدين غضبا كون كليام ما خرج للقائه وقصد الرجوع فبلغه ذلك فخرج مسرعاً ليسترضيه ويرده ، فأدركه فامتنع من الرجوع . واستدراجه حتى أبعد عن الحصن ، ثم قتل من كان معه وأخذ كليام وأحضره إلى السلطان . فكتب إلى أصحابه بالتسليم فما رجعوا إلى كلامه . فجرد السلطان جماعة من أمراء حلب وهم : سيف الدين الصروي وشهاب الدين مروان وإلى أنطاكية وجماعة من الرجال ، فنازلوا القصير .
وتوجه السلطان إلى دمشق واستصحب كليام معه ، وكان شيخا كبيرا وكان ابنه في الأسر ، فمات كليام في الأسر بعد اجتماعه بابنه . ولما اشتد الحصار على القصير وعدموا الأقوات سلموا الحصن المذكور في يوم الأربعاء ثالث وعشرين جمادى الأولى