كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 228 """"""
السلطان قرية قريبة من قيسارية شرقي جبل عسيب ، وركب يوم الأربعاء ، نصف ذي القعدة سنة خمس وسبعين وستمائة ، والعساكر في خدمته ، وخرج أهل قيسارية ، العلماء والأكابر وغيرهم حتى النساء والأطفال فتلقوا السلطان ، وكان دهليز صاحب الروم وخيامه قد نصبت في وطأة كينجسرو قريبا من المناظر التي لملوك الروم ، فنزل السلطان به ، وارتفعت أصوات العالم بالتهليل والتكبير ، وضربت به نوبة آل سلجق على العادة ، وحضر أصحاب الملاهي فردوا ، واعتمد السلطان على الأمير سيف الدين جاليش في النيابة ، وكان أولاد قرمان " أمراء التركمان " قد رهنوا أخاهم الصغير على بك بالروم ، فخرج إلى السلطان فأكرمه ، وطلب منه توافيع وصناجق له ولأخوته فأعطاه وتوجه ، وكتب السلطان إليهم في الحضور إلى خدمته ، وأكد في ذلك . فكان من خبرهم في الوصول إلى بلاد الروم بعد رحيل السلطان ما نذكره إن شاء الله تعالى .
قال : ثم ركب السلطان في يوم الجمعة سابع عشر الشهر ، وعلى رأسه جتر بني سلجق ودخل قيسارية . وكانت دار السلطانة قد هيئت لنزوله ، وتحت آل سلجق قد نصب لحلوله ، فجلس في مرتبة السلطنة بكرة النهار ، وحضر القضاة والفقهاء والوعاظ والقراء والصوفية وأعيان قيسارية ، وذوو المراتب على العادة السلجقية في أيام الجمع ، ووقف له أمير المحفل - وهو عندهم ذو حرمة ومكانه ، وعليه أكبر ثوب وأكبر عمامة - فرتب المحفل ، وقرأ القراء ، ثم أنشد أمير المحفل بالعربية والعجمية مدائح في السلطان . ومد السماط ، فأكل من حضر وانصرفوا . وتهيأ السلطان السلطان لصلاة الجمعة وحضر إلى الجامع وصلى ، وخطب الخطباء في جوامع قيسارية باسمه ، وهي سبعة جوامع . ثم عاد إلى دار السلطنة وأحضر بين يديه دراهم عليها السكة الظاهرية .
وظهر لمعين الدين سليمان البرواناه ولزوجته كرجى خاتون موجود عظيم ، فحمل إلأى السلطان وكذلك موجود من نزح ؛ ففرق أكثره على أمرائه .
وحكى الصاحب عز الدين بن شداد في السيرة الظاهرية قال : حكى لي من أثق به أن البرواناه بعث إلى السلطان لما دخل قيسارية يهنئه بالجلوس على التخت ، فكتب إليه يأمره بالوفود عليه ليوليه فكتب إليه يسأله أن ينتظره خمسة عشر يوما ، وكان مراده

الصفحة 228