كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 229 """"""
أن يصل إلى أبغا ويحثه على المسير " بنفسه " والسلطان بالبلاد ، فسلم يدر ذلك في حدس السلطان . فاجتمع تتاون بالأمير شمس الدين سنقر الأشقر وعرفه قصد البرواناه في طلبه الانتظار ، وأن مقصده أن السلطان يتربض حتى يدركه أبغا في البلاد ، فكان ذلك سبب رحيل السلطان عن قيسارية .
ذكر رحيل السلطان عن قيسارية وهرب عز الدين أيبك الشيخي ولحاقة بأبغا وعود السلطان إلى ممالكه
كان رحيل السلطان من قيسارية في يوم الاثنين العشرين من ذي القعدة ، وقيل في الثاني والعشرين منه ، لقلة الأقوات ، وقيل للسبب الذي تقدم ذكره ، وجعل على يزكه الأمير عز الدين أيبك الشيخي ، وكان السلطان قد ضربه لسبقه الناس وتقدمه ، فحقد ذلك . وتسحب يومئذ والتحق بأبغا بن هولاكو .
ونزل السلطان بقيرلو فورد عليه فيها رسول البرواناه ، ومعه رجل آخر اسمه ظهير الدين الترجمان ، وهو يستوقف السلطان من الحركة ، وما كانوا علموا بقصد السلطان في مسيره إلى أية جهة ، وكان الخبر قد شاع أن حركة السلطان إلى سيواس ، فأجاب السلطان البرواناه : " أن كتبك وكتب غيرك كانت تأتيني واشترطتم شروطا لم تفوا بها ولا فقتم عندها ، وقد عرفت الروم وطريقة ، وما كان جلوسنا على التخت رغية فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته ، ويكفينا أخذنا أمك وابنك وابن بنتك وما منحناه من النصر الوجيز ، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . " ثم رحل ، ونزل خان كيقباد فلما نزل به بعث الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري إلى قرية رمانة فحرقها ، وقتل من كان بها من الأرمن وسبى حريمهم ، لأنهم كانوا قد أخفوا جماعة من المغل .
ولما رحل السلطان من منزلة روزان كودلوا مر في وطأة خلف حصن سمندر من طريق غير الطريق الذي كان توجه عليها إلى قيسارية . ويعرف هذا المكان بقزل صو ، ومعناء النهر الأحمر ، وهو بعيد المستقى ، كثير الزلق والوحل ، فوقف السلطان وجرد سيفه حتى بسطت جملة من اللبابيد الحمر تحت حوافر الخيل وأخفاف الجمال ، ووقف راجلا حتى عبر الناس أولا فأولا ، ثم ركب وعبر ونزل في واد فيه مرعى ، ثم رحل إلى صحراء فراحا بالقرب من بازاريلوا . وهذا البازار هو الذي كانت الخلائق تجتمع إليه من أقطار الأرض ، ويباع فيه كل شيء يجلب من الأقاليم .