كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
ثم رحل يوم السبت وسار إلى وطأة أبلستين ومر بمكان المعركة لمشاهدة رمم التتار ، وحضر جماعة من أهل أبلستين ، وسئلوا عن قتلى التتار ، فقال رجل منهم : " عددت ستة آلاف وسبعمائة وسبعين من المغل خاصة في المعركة غير من قتل خارجها " . ولما بلغ السلطان أقجا دربند بعث الأثقال والخزائن والصناجق صحبة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار ليعبر بها الدربند ، وتأخر السلطان ساقة العسكر يوم الأأحد ، ورحل يوم الاثنين فدخل الدربند ، وحصل للناس مشقة ، ولما خرجوا منه قطعوا النهر الأزرق ، وبات .
ثم رحل السلطان فنزل قريبا من كينوك ، ثم نزل يوم الثلاثاء سادس ذي الحجة قريبا من حارم ، ونزل بعساكره هناك وعيد عيدَ الأضحى ، ووصلت إليه رسل الأمير شمس الدين محمد بن قرمان أمير التركمان وكتبه بما اعتمده بالروم بعد عود السلطان ، وأنه حضر في عشرين ألف فارس من التركمان وثلاثين ألف راجل متركشة إلى خدمة السلطان فلم يدركه .
ذكر ما اعتمده الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان أمير التركمان في البلاد الرومية
كان الأمير شمس الدين المذكور قد باين التتار ونابذهم ، وخرج عن طاعتهم وطاعة الروم ، وانحاز إلى السواحل . فلما بلغه خبر كسرة التتار ووصول السلطان إلى قيسارية جمع جموعا كثيرة من التركمان وقصد أقصرا ، فلم ينل منها طائلا فرحل عنها وقصد قونية في ثلاثة آلاف فارس ونازلها ، فغلق أهلها أبوابها في وجهه ، فرفع على رأسه صناجق السلطان التي سيرها مع أخيه علي بك ، وبعث إليهم يعرفهم أن السلطان الملك الظاهر كسر التتار ودخل قيسارية وملكها ، فقال أهل البلد : " أما الأبواب فنحن لا نفتحها ، ولكن أحرقوها وأذخلوا فنحن لا نمنعكم " ، فأحرقوا باب الفاخراني ، وباب سوق الخيل ودخلوا قونية يوم عرفة ، وهو يوم الخميس . وكان النائب بها إذ ذاك أمين الدين ميخائيل . فقصد من معه داره ودار غيره من الأمراء ، والأسواق والخانات فنهبوها ، ثم ظفروا بأمين الدين ، فأخرجوه إلى ظاهر البلد وعذبوه إلى أن استأصلوا ماله ثم قتلوه وعلقوا رأسه داخل البلد ، وامتنع أهل البلد من تسليمها ، فاعملوا الحيلة ، ورتبوا رجلا على أن يتوجه إلى قمين من أقمنة حملم عينوه له ، فإذا رأى هناك شابا رمى نفسه عليه وقبل رجليه ، فإذا قال له الشاب : " من اين تعرفني ؟ " فيقول : ما أنت

الصفحة 230