كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 233 """"""
قال المؤرخ : كان السلطان لما توجه إلى الروم كلف أهل دمشق جباية مال يسبب إقامة الخيل ، فحضر إليه الشيخ محيي الدين النواوي وكلمه في ذلك بكلام خشن ، فلاطفه السلطان ، وقال له : " يا سيدي : مد يدك أعاهدك أنني متى كسرت العدو في هذه السفرة أبطل الجباية ويكون خاطرك معي " ، فعاهده على ذلك . فلما فنح البلاد وكتب إلى الشام بالبشارة ، وكتب إلى الشام بالبشارة ، كتب إلى الأمير بدر الدين بكتوب الأقرعي ، شاد الدواوين بدمشق ، كتابا مضمونه : أنه لا يحل ركابا إلا وقد استخرجت من أهل دمشق مائتي ألف درهم ، ومن برها ثلاثمائة ألف درهم ، ومن قراها ثلاثمائة ألف درهم ، ومن البلاد القبلية تكملة ألف ألف درهم ، فتبدل فرح أهل الشام لذلك حزناً ، وتمنوا زوال الدولة ، فما كملت خباية نصف المال حتى مات السلطان .
واستهلت سنة ست وسبعين وستمائة
ذكر وفاة السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي رحمه الله تعالى
قال القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر في السيرة الظاهرية : ودخل السلطان دمشق في خامس المحرم وقد رنح النصر أعطافه ، وروى من دماء الأعداء أسيافه ، وقدامه مقدمو التتار قد ركبوا وهم في القيود عوض شهب الجياد ، وبعد أن كانوا مقترنين صاروا مقرنين في الأصفاد . ونزل بقصره في الميدان الأخضر ، معتقدا أن الدنيا في يده قد حصلت ، والبلاد التي حلها ركابه عنه انفصلت ، وأن سعده استخلص له الأيام وأصفاها ، والممالك شرفا وغربا لو لم يكن بها غيره لكفاها ، وإذا بالمنية قد أنشبت أظفارها ، والأمنية وقد وضعت حوبها " و " أوزارها والعافية وقد شمرت الذيل ، والصحة وقد قالت لطيبه : " أهلك والليل " ، ورماح الخط وقد قالت لأقلام الخط : " أصبت في لبس الحداد من المداد " ، والقلوب وقد قالت عند شق الجيوب : " نحن أحق منك بهذا المراد " ، والحصون وقد قالت لقصره الأبلق : " ما كان بناؤك على هذه الصورة إلا فألا بما تسود الجدران به عند الفجائع من السواد " . قال : وكان ابتداء مرضه الذي اعتل به الوجود ، وتباشرت به الأكفان واللحود : ليلة السبت خامس عشر المحرم . فإنه ركب وقت العصر من يوم الجمعة رابع عشرة وكأنه مودع لأخدانه ورؤية موكبه وركوب حصانه ، ونزل والتاث جسمه بعض النيات ،