كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 237 """"""
ضعيف ، كل ذلك حفظا للمهابة ، وما زال الأمر كذلك إلى أن وصلوا إلى الديار المصرية ، وكان وصول المحفة والأمراء إلى قلعة الجبل في يوم الخميس خامس عشرين صفر سنة ست وبعين وستمائة ، وسلم الأمير بدر الدين الخزندار الخزائن والعساكر للسلطان الملك السعيد ، وأظهروا عند ذلك وفاة السلطان وحلف الناس للملك السعيد ، واستقر له الملك وعمره يومئذ تسع عشرة سنة .
وكتب " الملك السعيد " إلى دمشق وسائر الممالك الشامية يخبر " النواب " بوفاة السلطان وسلطنته ، ويطلب منهم اليمين ، فوصل الأمر في البريد بذلك إلى دمشق في يوم الأحد ثالث عشر ربيع الأول ، فجمع النائب عن السلطنة بها وهو الأمير عز الدين أيدمر الظاهري ، الأمراء والمقدمين ، وقرئ عليهم كتاب السلطنة فحلفوا ، وحلف جميع العسكر والقضاة والأعيان ، ثم رسم لمتولي دمشق أن يحلف أهل دمشق ، فحلف أهل حارة بحضور عدلين ، ورسم لمتولي البريد بذلك ، فحلف أهل القرى والضياع ، ودامت مدة الحلف بدمشق أحد عشر يوما حتى كملت . ثم خلع على الأمراء والمقدمين والقضاة والأعيان والنظار وكتاب الإنشاء بدمشق في سادس عشر الشهر ، وخلع على الأعيان والأكابر بالطرحات ، وما كان قبل ذلك يخلع بالطرحة ، إلا على قاضي القضاة ، وحلف أيضا صاحب حماة وأهل بلده ، ونائب حلب وأمراؤها وجندها وأهلها ، وسائر الممالك الشامية لم يختلف منهم أحد ولا توقف عن اليمين .
ذكر وفاة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار
كانت وفاته : رحمه الله تعالى ، بقلعة الجبل في ليلة الأحد سادس شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وستمائة ، وذلك أنه لما وصل إلى خدمة السلطان الملك السعيد وقف وحلف الأمراء والخواص والأجناد وغيرهم للملك السعيد ، فلما تكامل ذلك توجه إلى والدة السلطان زوجة مخدومه ليغريها بالسلطان ويهنيها بسلطنة ابنها ، فشكرت فعله وما اعتمده من حق ولدها من حفظ السلطنة عليه ، ثم أخرجت له هنابا فيه مشروب ، وقالت له : " اشرب هذا فأنك قد تعبت في هذا اليوم وما أكلت شيئا . " فقال لها : " والله لي ثلاثة أيام ما آكل في كل يوم نصف أوقية طعام خوفا على السلطان الملك السعيد ، ولم أزل أداري الأمراء منذ وفاة السلطان إلى أن كمل هذا الحلف