كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 242 """"""
الظاهر به في مدة مقامه بدمشق في خدمة الملك الملك الناصر فبشره بالملك . وكان الشيخ خضر قد احتوى على عقل الأمير سيف الدين قشتمر العجمي أحد الأمراء البحرية ، فكان يخبره بسلطنة الملك الظاهر قبل وقوعها ، ويخبره بأكثرما وقع ، ثم اجتمع به الأمير سيف الدين ايتامش السغدي فأخبره أيضا بخبر الملك الظاهر ، ثم كان من سلطنة الملك الظاهر فأقدمناه وصار هو في صحبة قشتمر العجمي وخرج معه عند خروج السلطان إلى الشام بسبب الملك الغيث صاحب الكرك فلما نزل السلطان ففأعلى الطور سأل عنه الأمير سيف الدين قشتمر العجمي فأخبره أنه قد انقطع في مغارة عند قبر أبي هريرة ، رضي الله عنه ، فتوجه السلطان إليه واجتمع به ، فأخبره بوقائع كثيرة لم يحزم ، فاغتبط به ولازمه ، وبقي السلطان إذا حاصر بلدا من البلاد الساحلية والجبلية يخبره الشيخ بما يكون من أمره فيها ، وبالوقت الذي يفتح فيه ، فلا يخرم ذلك ، ولما قصد السلطان أن يتوجه إلى الكرك في سنة خمس وستين وستمائة استشاره في ذلك فأشار عليه ألا يتوجه إليها في هذه السفرة ، وأن يتوجه إلى الديار المصرية فخالفه وتوجه إليها ، فانكسرت فخذه ببركة زيرا قبل وصوله كما قدمنا ذكر ذلك . ولما رأى السلطان ذلك منه عظم عنده وبنى له زاوية بطاهر القاهرة بالحسينية بجوار أرض الطبالة ، ووقف عليها أحكارا بجملة كثيرة ، وبالقدس زاوية ، وبدمشق زاوية بالمزة ، وببعلبك زاوية ، وبحماة زاوية ، ثم هدم كنيسة اليهود بدمشق ، وهي الكنيسة العظمى عندهم ، وجعلها زاوية كما تقدم ، وهدم كنيسة النصارى بالقدس ، وقتل فسيسها بيده وعملها زاوية ، وهدم كنيسة الروم بالإسكندرية ، وهي كرسي كنائسهم يعقدون فيها البتركية ، ويزعمون أن رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام فيها ، وهو عندهم يحنا المعمداني الذي عمد المسيح بن مريم وجعلها مسجدا وبنى فيها المحاريب وسماها المدرسة الخضراء ، وفتح لها شباكا إلى الطريق ، ورتب فيها فقراء من جهته ، كذلك في جميع زواياه : جعل بكل زاوية منها فقراء يقطعون المصانعات ويحمون أرباب الجرائم من اللصوص وغيرهم ، ويتعاطون الفسق .
قال : ولقد سأله مرة والدي إبراهيم فقال : " يا أخبي ، أشتهي أعرف كيف كان سبب وصلتك إلى هذه المنزلة ؟ " ، فقال له : " والله لا أقول لك حتى تقول لي الذي تعرف مني " فقال له : " أعرفك شيخ نحس نفوك من الجزيرة ثم من حلب ومن

الصفحة 242