كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 246 """"""
القاهر فمات من غد ذلك اليوم . وذكر الأمير عز الدين العلائي أنه بلغة ذلك من مطلع لا يشك في أخباره ، والله تعالى أعلم .
وفيها : قتل الأمير عز الدين أيبك الموصلي الظاهري ، كان نائب السلطنة بحمص ثم نقله السلطان إلى نيابة السلطنة بحصن الأكرد وما معه ، وكان ذا صرامة ونهضة وذكاء ومعرفة ، وكان يتشيع ، قتل غيلة ليلة الأربعاء سابع عشرين شهر رجب .
وفيها : كانت وفاة الشيخ الإمام العالم الزاهد الورع محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف الدين بن مري بن الحسن بن الحسين بن حرام بن محمد النواوي الشافعي وكانت وفاته عند أبيه بنوى في يوم الأربعاء خامس عشر شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة ، ومولده بنوى في سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، فيكون مدة عمره خمسا وأربعين سنة تقريبا . وكان رحمه الله تعالى كثير الورع والزهد واسع العلم له مصنفات مشهورة مفيدة منه : كتاب الروضة في الفقه ، عليه تعتمد الشافعية وبه يحتجون غالباً ، وشرح مسلم ، ورياض الصالحين ، وكتاب الأذكار ، وشرح التنبيه ، ومات قبل أن يكمله . ولم يكن في زمانه مثله في روعه وزهده ، وكان لا يأكل إلا مما يأتي من جهة أبيه من نوى ، فكان يخبز له الخبز بها ويقمر ويرسل إليه فيأكل منه ، وما كان يجمع بين إدامين ، فيأكل إما بالدبس أو الخل أو الزيت أو الزبيب ، ويأكل اللحم في كل شهر مرة . وكان يتولى دار الحديث الأشرفية ، ويجمع المباشر للوقف جامكيته بها ، ثم يستأذنه فيما يفعل بها إذا اجتمعت ، فتارة يشتري بها ملكا ويوقفه على المكان ، وتارة يشتري بها كتبا ويوقفها ويجعلها في خزانة المدرسة المذكورة . وكان لا يقبل لأحد هدية ، ولا يأكل أحد من أهل دمشق طعاما ولا غيره ، وكان رحمه الله تعالى يواجه السلطان الملك الظاهر بالإنكار عليه في أفعاله ، ويلاطفه السلطان ويحمل جفوة كلامه ويخاطبه يا سيدي ، رحمه الله تعالى . وعاش والده الحاج شرف بعده إلى سنة إحدى وثمانين فمات في سابع عشر شهر صفر ، وقيل فية سنة اثنتين وثمانين ، ودفن بنوى ، رحمه الله تعالى .

الصفحة 246