كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 254 """"""
فارقت السلطان " . فلما وصلوا إلى باب الجابية أخذه الأمير جمال الدين أقش الشمسي إلى داره وقال له : " تكون بداري إلى أن يرد مرسوم السلطان ، ولا تكون سبب إقامة فتنة " . فتوجه معه إلى داره فأقام عنده إلى عشية النهار ، وجاء الأمير ركن الدين الجالق وازدمر العلائي إلى الأمير جمال الدين أقش الشمسي بعد صلاة العصر وأخذ الأمير عز الدين النائب من عنده وتوجها به إلى القلعة وسلماه إلى الأمير علم الدين سنقر الدواداري فتسلمه منهما وجعله بقاعة البحرة ، ورسم عليه ومكنه من دخول الحمام . فجاء الأميران إلى القلعة في يوم الاثنين . بعد العصر واجتمعا بالدواواري وانكرا عليه كونه مكنه من دخول الحمام ، وقالوا : تسلمه إلينا نتوجه به إلى الديار المصرية .
فقال : إنه ما جاءني ولا جاءكم مرسوم بالقبض عليه . وقد قبضتم عليه ووصل إلى عندي ، فكيف أسلمه إليكما وبأي عذر أعتذر إلى السلطان " . فأغلظوا له في القول . فلما أنكر حالهم وثب من بينهما وأمر رجاله بالقلعة بغلق أبوابها . فوثب الأميران وجردا سيوفهما وخرجا على حمية ، وأغلق الدوادري باب قلعة دمشق .
هذا ما كان بالشام أما الملك السعيد فإنه لم يبق معه من الأمراء الأكابر إلا الأمير شمس الدين سنقر الأشقر والأمير علم الدين الحلبي ، والبقية من المماليك السعيدية ، كلاجين الزيني ومن يجري مجراه ، فلما وصل إلى قرب المطرية فارقه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وانفرد عنه وعن الأمراء .
قال : ولما بلغ الأمراء أن السلطان يقصد طلوع القلعة من وراء الجبل الأحمر ركبوا ليمنعوه من الوصول إلى القلعة ، فجاء سحاب أسود وأظلم الوقت حتى أن الإنسان لا يرى رفيقه الذي يسايره ، فطلع السلطان إلى القلعة ، وما رأوه . ولما استقر بها حاصره الأمراء وأحاطوا بالقلعو ، واتفقا أن لاجين الزيني أنكر على الأمير سيف الدين بلبان الزريقي وشتمه ، فتغير خاطره ونزل من القلعو وانحاز إلى الأمراء ؛ وتسلل المماليك من القلعة واحدا بعد واحد ونزلوا إلى الأمراء . وأشار الأمير علم الدين سنقر الحلبي على السلطان بالإفراج عن المعتقلين ، فأفرج عن الأمراء الشهرزورية وغيرهم ، واستشار السلطان الأمير المشار إليه فيما يفعل ، فقال : " أرى أن أخذ المماليك السلطانية واهجم بهم على الأمراء وأفرق شملهم " . فلم يوافقه على ذلك