كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 255 """"""
وتمادى الأمر اسبوعا ، فأرسل السلطان إلى الأمراء وسألهم أن يكون الشام بكماله لهم ، فأبوا ذلك إلا أن يخلع نفسه من الملك . فالتمس من الأمير سيف الدين قلاون والأمير بدر الدين بيسرى أن يعطوه قلعة الكرك فأجاباه إلى ذلك . ونزل من القلعة بعد أن حلفوه ألا يتطرق إلى غيرها وأن لا يكاتب أحدا من النواب ولا يستميل أحدا من الجند . وحلفوا له أنهم لا يؤذونه في نفسه ولا يغيرون عليه . وسفروه لوقته صحبة الأمير سيف الدين بيغان الركني وجماعة يوصلونه إلى الكرك فأوصلوه إليها وتسلمها من الأمير علاء الدين أيدكين الفخري النائب بها ، وتسلم ما بها من الأموال والذخائر . وكان خروجه من السلطنة في شهر ربيع الآخر ثمان وسبعين وستمائة . فكانت مدة سلطنته بعد وفاة والده سنتين وشهرين وأياما .
ثم ملك بعد أخوه السلطان الملك العادل بدر الديم سلامش بن السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي وهو السادس من ملوك دولة الترك بالديار المصرية .
ملك بعد خلع أخيه السلطان الملك السعيد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وستمائة . وذلك أنه لما سفر الملك السعيد إلى الكرك عرضت السلطنة على الأمير سيف الدين قلاون فأبى ذلك ، وقال : " لم أخلع الملك طمعا في السلطنة إلا حفظا للنظام ، وألفه لأكابر الأمراء أن يتقدم عليهم الاصاغر ، والأولى إلا تخرج السلطنة عن الذرية الظاهرية ، فأقام بدر الدين سلامش هذا وله من العمر سبع سنين ، وخطب له على المنابر ، وضربت السكتة باسمه ، ودبر الأمر سيف الدين قلاون أتابكية الدولة . ولم يكن للملك العادل معه غير مجرد الاسم . وأقر الصاحب برهان الدين السناجري على الوزارة وعزل قاضي القضاة تقي الدين محمد بن الحسين بن زين على القضاء بالديار المصرية ، وفوضه إلى القاضي صدر الدين عمر بن قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وستمائة . وعزل القاضي شمس الدين بن شكر المالكي ، والقاضي معز الدين الحنفي عن القضاء . ثم أعيد بعد مدة يسيرة . وفوض قضاء الحنابلة للقاضي عز الدين المقدس الحنبلي . واستناب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بالشام وسيره إلى دمشق . وكان وصوله إليها . في يوم الأربعاء ثاني جمادى الأخرى . وحال وصوله طلب الأمير علم الدين سنجر

الصفحة 255