كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 110 """"""
بأخبارهم ، في سنة إحدى عشرة وسبعمائة ، وأنا يوم ذاك بالقرب من هذا الوادي ، أن به عوداً قائماً طوله أحد وعشرون ذراعاً ، بذراع العمل ، ودوره كذلك ، وأنهم حققوا ذلك ، بأن صعد رجل إلى أعلاه ، ودلّى حبلاً إلى الأرض ، من أعلاه ، وأداروا الحبل عليه ، فجاء سواء ، لا يزيد ولا ينقص . فتوجه الأمير شمس الدين إلى هذا الوادي ، وقرر على ضياع المرج والغوطة بدمشق مال ، من ألفي درهم إلى خمسمائة درهم ، كل ضيعة بحسب متحصلها ، لأجرة جر أعواد المجانيق ، وكذلك ضياع بعلبك والبقاع . وجني المال ، ونال أهل بعلبك والبقاع شدة عظيمة بسبب ذلك . وبينا الأمير شمس الدين بالوادي المذكور ، وهو مهتم في قطع الأعواد وجرها ، سقط عليه ثلج عظيم ، فركب خيله ، وخرج منه . وأعجله كثرة الثلج وترادفه ، عن نقل أثقاله وخيامه ، فتركها ونجا بنفسه ، ولم يلو على شيء . ولو تأخر بسببها ، واشتغل بحملها هلك هو ومن معه ، وارتدمت أثقاله بالثلوج ، وبقيت تحتها إلى فصل الصيف ، وتلف أكثرها .
وفي هذه السنة أيضاً ، فوض السلطان تقدمة العسكر بغزة والأعمال الساحلية ، إلى الأمير عز الدين أيبك الموصلي ، عوضاً عن الأمير شمس الدين أقسنقر كرتيه . فتوجه إليها من دمشق ، في رابع شهر رجب .
وفيها ، في شعبان ، اشتد الحر بحماه ، حتى شوى اللحم على بلاط الجامع ، على ما حكاه الشيخ شمس الدين الجزري في تاريخه . ووقعت نار في دار صاحب حماه فاحترقت ، وأرسل الله ريحاً واشتدت ، فقويت النار واستمرت يومين وبعض الثالث ، وما قدر أحد أن يتقدم إليها ، فاحترقت الدار بما فيها ، وكان صاحب حماه في الصيد .
وفيها ، في شعبان ، خرج مرسوم السلطان إلى الشام ، أن لا يُستخدم أحد من أهل الذمة ، اليهود والنصارى ، في المباشرات الديوانية ، فصُرفوا منها . وورد مثال بالإفراج عن المعتقلين .
وفيها ، ثار جماعة من الفرنج بعكا ، فقتلوا جماعة من تجار المسلمين بها ، كانوا