كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 115 """"""
قد قلت لك إنني ما أولى خليلاً على المسلمين . فأخذ التقليد بغير علامة ، وخرج . واتفق من خلال ذلك ، خروج السلطان ووفاته .
فلما تسلطن الملك الأشرف ، طلب فتح الدين بن عبد الظاهر ، وقال له : أين تقليدي . فأقام وأحضره إليه ، وهو بغير علامة السلطان ، واعتذر أن السلطان الملك المنصور ، شغلته الحركة والفكرة في أمر العدو عن الكتابة عليه . فقال له السلطان الملك الأشرف : يا فتح الدين ، إن السلطان امتنع أن يعطيني ، فأعطاني الله . ورمى له التقليد ، فكان عنده بغير علامة . ثم عند ابنه المرحوم علاء الدين ، إلى أن مات رحمه الله تعالى .
قال بعض الشعراء يمدحه :
فداك يا عادل يا منصف . . . أرجى من الغيث الذي يوصف
أغنى عباد الله عن نيلهم . . . فجودك البحر الذي يعرف
أطاعك الناس اختياراً وما . . . أذلهم رمح ولا مرهف
كم ملكت مصر ملوك وكم . . . جادوا وما جادوا ولا أسرفوا
حتى أتى المنصور أنسى الورى . . . بفعله سائر ما أسلفوا
ما قدموا مثل تقاه ولا . . . مثل الذي خلفه خلفوا
فته على الأملاك فخراً بما . . . نلت فأنت الملك الأشرف
قال ، وخلع الملك الأشرف على سائر الأمراء وأرباب المناصب . ثم ركب بشعار السلطنة ، في يوم الجمعة بعد الصلاة ، الثاني عشر من الشهر . وسيّر بالميدان الأسود ؛ والأمراء والعساكر في خدمته . وطلع إلى قلعة الجبل ، قبل أذان العصر . ويقال إن الأمير حسام الدين طرنطاي ، كان قد قصد اغتيال الملك الأشرف ، في يوم ركوبه ، وأنه عزم على قتله عند ابتداء التسيير ، إذا قرب من باب الإصطبل ، وأن السلطان شعر بذلك . فلما سيّر السلطان أربعة ميادين ، والأمير حسام الدين ومن وافقه عند باب سارية . فلما انتهى السلطان إلى رأس الميدان ، وقرب من باب الإصطبل ، وفي ظن الناس أنه يعطف