كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 116 """"""
إلى جهة باب سارية ، ليكمل التسيير على العادة ، عطف إلى جهة القلعة ، وأسرع وعبر من باب الإسطبل . ولما عطف ، ساق الأمير حسام الدين ومن معه ، ملء الفروج ، ليدركه . فما وصل إلى باب الاسطبل ، إلا والسلطان قد دخل منه ، وحف به مماليكه وخواصه ، فبطل على طرنطاي ما دبره . وبادر السلطان بالقبض عليه .
ذكر القبض على الأمير حسام الدين طرنطاي وقتله وعلى الأمير زين الدين كتبغا واعتقاله
لما استقل السلطان الملك الأشرف في السلطنة ، وقف الأمير حسام الدين طرنطاي بين يديه في نيابة السلطنة ، على عادته مع السلطان الملك المنصور أبيه . وكان الملك الأشرف يكره الأمير حسام الدين طرنطاي أشد الكراهية لأمور : منها ما كان يعامله به من الاطراح لجانبه ، والغض منه ، واهنة نوابه ، وأذى من ينسب إليه . ومنها ترجيح جانب أخيه ، الملك الصالح على جانبه ، والميل إليه . ولما مات الملك الصالح ، وانتقلت ولاية العهد بعده ، إلى الملك الأشرف مال إليه من كان يميل عنه ، وتقرب إلى خاطره من كان يجفوه . ولم يزد ذلك الأمير حسام الدين إلا تمادياً في الإعراض عنه ، وجرياً على عادته ، في أذى من ينتسب إليه . وأغرى السلطان الملك المنصور ، بناظر الديوان الأشرفي ، شمس الدين محمد بن السلعوس ، حتى ضربه وصرفه على ما نذكر ذلك ، وعامله بمثل هذه المعاملة ، والملك الأشرف لا يستطيع دفع ذلك ، لتمكن الأمير حسام الدين من السلطان الملك المنصور ، ويكتم ما عنده منه ، ويصبر من ذلك ، على ما لا يصبر مثله على مثله .
فلما ملك السلطان الملك الأشرف ، تحقق الأمير حسام الدين أنه يحقد عليه أفعاله ، وأن خاطره لا يصفو له . فشرع في إفساد نظامه سراً ، وإخراج الأمر عنه . وتحقق السلطان ذلك ، ووشى به بعض من باطنه . فلما نزل السلطان من الركوب في يوم الجمعة ، الثاني عشر ذي القعدة ، استدعاه فدخل عليه ، وهو يظن أن أحداً لا يجسر أن يقدم عليه ، لمهابته في القلوب ، ومكانته من الدولة ، وظن أن السلطان لا يبادره بالقبض عليه . ولما استدعاه السلطان ، نهاه الأمير زين الدين كتبغا المنصوري ، عن