كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
الدخول على السلطان وحذّره ، وقال له : والله أخاف عليك منه ، فلا تدخل عليه ، إلا في عصبة وجماعة ، تعلم أنهم يمانعون عنك أن لو وقع أمر . وقال له : - فيما حكي لي - والله لو كنت نائماً ، ما جسر خليل ينبهني . وقام ودخل على السلطان ، فحمل زين الدين كتبغا الإشفاق عليه ، أن دخل معه . فلما صار طرنطاي بين يدي السلطان ، وكان قد قرر مع الأمراء الخاصكية القبض عليه ، فبادروا إلى ذلك ، وقبضوا على يديه ، وأخذوا سيفه . فصرخ كتبغا ، وجعل يقول : إيش عمل ، إيش عمل ، يكرر ذلك . فأمر السلطان بالقبض على كتبغا ، فقبض عليه واعتقل ، ثم أفرج عنه بعد ذلك .
وأما طرنطاي ، فإنه لما قبض عليه ، أمر بقتله ، فقتل . وقيل إنه عوقب بين يدي السلطان حتى مات . وقيل كانت وفاته في ثامن عشر ذي القعدة ، وبقي ثمانية أيام ، بعد وفاته ، ثم أخرج من القلعة ، ليلة الجمعة سادس عشرين الشهر ، وقد لفّ في حصير ، وحمل على جنوية ، إلى زاوية الشيخ أبي السعود . فغسله الشيخ عمر السعودي ، وكفنه ودفنه ، خارج الزاوية . وبقي كذلك ، إلى أن ملك الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري ، فأمر بنقله إلى تربته التي أنشأها بالقاهرة ، بمدرسته التي بجوار داره بخط المسطاح .
ولما قبض السلطان عليه ، ندب الأمير علم الدين سنجر الشجاعي لإيقاع الحوطة على موجوده ، واستصفاء أمواله ، لما كان بينهما من العداوة . فنزل الشجاعي إلى دار طرنطاي التي بالقاهرة ، وحمل ما في خزانته وذخائره . وطلب ودائعه ، ونبش مواضع من داره ، وشعثها . وحمل من أمواله إلى الخزائن وبيت المال جملة عظيمة ، يقال إن جملة ما حمل من ماله ، ستمائة ألف دينار عيناً ، ومن الدراهم سبعة عشر ألف رطل ومائة رطل بالمصري ، ومن العدد والأقمشة والخيول والمماليك ما لا يحصر قيمته كثرة . ويقال إنه كان قد جمع ذلك وادّخره ، لطلب السلطنة لنفسه ، فلم ينل ما تمناه .
ووقف الأمير علم الدين الشجاعي ، بعد القبض على طرنطاي ، أياماً قلائل ، من