كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 120 """"""
ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشيء من أخباره
كان الصاحب شمس الدين محمد بن فخر الدين عثمان بن أبي الرجا ، بن السلعوس قد توجه إلى الحجاز الشريف ، قبيل وفاة السلطان الملك المنصور . فاتفقت وفاة السلطان وسلطنة الملك الأشرف في غيبته . فكتب السلطان إليه كتاباً يعلمه أنه قد ملك ، ويستحثه على سرعة الوصول إليه . فوصل إليه كتاب السلطان ، وهو في أثناء الطريق ، وقد عاد من الحجاز الشريف . فاجتمع من كان بالركب ، من الأعيان والكتاب ، وانضموا إليه ، وركبوا في خدمته ، وسايروه وعاملوه من الآداب بما يعامل به الوزراء وعظموه ، فكان كذلك ، إلى أن وصل إلى باب السلطان . وكان وصوله ، في يوم الثلاثاء ، العشرين من المحرم سنة تسعين وستمائة . فاجتمع بالسلطان ، ففوض إليه السلطان الوزارة ، في يوم الخميس ، الثاني والعشرين من الشهر ، وخلع عليه . وكان الأمير علم الدين سنجر الشجاعي يتحدث في الوزارة في هذه المدة ، قبل وصوله ، من غير تقليد ولا تشريف .
وكان شمس الدين بن السلعوس هذا ، تاجراً من أهل دمشق ، ولم يكن من التجار المياسير . ولكنه كان يأخذ نفسه بالحشمة والرئاسة . حتى كان التجار فيما بينهم ينعتونه بالصاحب استهزاء به . ثم تعلق بالخدم ، وانتمى إلى تقي الدين توبة التكريتي وزير دمشق ، في الدولة المنصورية ، فاستخدمه في بعض الجهات . وتنقل إلى أن ولي نظر الحسبة بدمشق ، في شهر رمضان ، سنة سبع وثمانين وستمائة كما تقدم . ثم ولي نظر ديوان الملك الأشرف بالشام ، فأظهر الاجتهاد ، واستأجر للملك الأشرف ضياعاً بالشام ، وعمل له متجراً ، وحصل من ذلك أموالاً ، فتقدم عند الملك الأشرف ، ومال إليه . وحضر إلى باب الملك الأشرف ، في صفر ، سنة ثمان وثمانين وستمائة .