كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 121 """"""
واستناب عنه في نظر الحسبة بدمشق والديوان الأشرفي ، القاضي تاج الدين أحمد ابن القاضي عماد الدين محمد بن الشيرازي . ولما حضر إلى باب الملك الأشرف ، نقله إلى نظر ديوانه نيابة ، عوضاً عن تاج الدين بن الأعمى . وخلع عليه خلع الوزارة . واستمر في نظر ديوان الملك الأشرف ووكالته ، إلى جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستمائة . فاتفق أن الملك الأشرف ، خلع عليه خلعة سنية ، تشبه خلع الوزراء . فرآه السلطان الملك المنصور ، وعليه تلك الخلعة ، فأنكر هيئته ، وسأل الأمير حسام الدين طرنطاي عنه . فقال هذا وزير الملك الأشرف ، وذكر مساوئه للسلطان . فغضب السلطان الملك المنصور لذلك ، وأنكره . وأمر بإحضاره ، فأحضر بين يديه ، فأنكر عليه كونه خدم ولده ، بغير أمره ، ولا أمر نائبه ، ولا وزيره . وأمر السلطان بنزع تلك الخلعة ، التي ألبسها ، فنزعت . وسلمه إلى شاد الدواوين يومئذ ، وهو الأمير زين الدين أحمد الصوابي ، وأمر بمصادرته ، والإخراق به ، وضربه . وأرسل إليه الأمير حسام الدين طرنطاي ، أن يوقع به الأهنة والإخراق ، ويبادر بضربه . وأرسل إليه الملك الأشرف ، إلى مشد الدواوين ، يستوقفه عند ذلك ، ويتوعده إن ناله منه سوء . فخاف للشد المذكور غائلة الملك الأشرف ، وتوقف عن الإخراق به . ورسم عليه في قاعة ، كان المشد يجلس فيها ، في وقت استراحته . ثم تلطف الملك الأشرف في أمره ، مع الأمير حسام الدين طرنطاي ، وراسله بسببه . وتكررت رسائله إليه ، والى غيره في معناه ، حتى حصلت الشفاعة فيه عند السلطان ، فأطلقه . وأمر السلطان بصرفه ، فصرف ، ولزم داره . وكانت هذه الواقعة من أضرر شيء على الأمير حسام الدين طرنطاي ، ومن أكبر أسباب القبض عليه وقتله .
واستمر الصاحب شمس الدين بداره إلى زمن الحج ، فتوجه إلى الحجاز الشريف . واتفقت وفاة السلطان الملك المنصور ، وسلطنة الملك الأشرف ، كما تقدم ، فكتب إليه يعلمه بذلك . ويقال إن السلطان كتب بخطه إليه ، بين سطور الكتاب ، يا شقير ، يا وجه الخير ، عجل بالسير ، فقد ملكنا . ويقال إنه لما حملت إلى السلطان الملك الأشرف ، أموال طرنطاي ، ووضعت بين يديه ، جعل يقلبها ويقول :
من عاش بعد عدوه . . . يوماً فقد بلغ المنى