كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 124 """"""
الأشقر ، والأمير سيف الدين جرمك الناصري ، وعدّد لهما ذنوباً كثيرة . وكان مما عدّه على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، أن قال هذا ما أحسن إليه أحد ، إحسان طرنطاي ، فإنه مازال يدافع عنه السلطان المنصور ويمنعه من القبض عليه ، إذا أراده . ويقول له ، والله لا يقبض عليه ، حتى يقبض على قبله . ووفى له طرنطاي بما عاهده عليه ، بصهيون ، لما استنزله منها . ولم يرع له حق هذا الإحسان العظيم والذب عنه . وكان هو أكبر أسباب القبض عليه ، فإنه أفشى سره .
وأفرج السلطان في هذا اليوم ، عن الأمير زين الدين كتبغا المنصوري ، وأعاد عليه إمرته ، وأنعم عليه إنعاماً كثيراً . وكان قد قبض عليه ، كما تقدم لما همّ بالمدافعة عن طرنطاي .
ذكر فتوح عكا وصور وصيدا وحيفا
قد ذكرنا أن السلطان الملك المنصور ، والد السلطان ، كان قد أهمه أمر عكا وتجهز لغزوها . وخرج لذلك ، وعاجلته المنية ، دون الأمنية . فلما استقر أمر السلطان الملك الأشرف ، وخلا وجهه ، ممن كان يقصد مناوأته ، صرف اهتمامه إلى عكا وغزوها . وندب العساكر من الديار المصرية ، وسائر الممالك والحصون . وأمر نواب السلطنة بالممالك الشامية والساحلية ، ونواب القلاع والحصون ، بتجهيز الزردخانات وأعواد المجانيق والحجارين وغيرهم . وندب الأمير عز الدين أيبك الأفرم ، أمير جاندار لذلك . فتوجه من الباب السلطاني ، ووصل إلى دمشق ، في سلخ صفر . فجهزت أعواد المجانيق من دمشق ، وبرزت إلى ظاهرها في مستهل شهر ربيع الأول ، وتكامل ذلك ، في يوم الخميس ثاني عشر الشهر . وتوجه بها الأمير علم الدين سنجر الداواداري ، أحد الأمراء بالشام ، ثم فرقت على الأمراء مقدمي الألوف ، فتوجه كل أمير ومضافوه منها ، بما أمر بنقله . ثم توجه الأمير حسام الدين لاجين ، نائب السلطنة بالشام ،

الصفحة 124