كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
المذكور من السلطان ، وقال إنه قد عزم على القبض عليك ، فحمله الخوف على أنه ركب من الوطاق بعكا ليلاً ، وقصد الهرب . فركب الأمير علم الدين سنجر الدواداري ، وساق خلفه . فأدركه ، وقال له ، بالله لا تكن سبب هلاك هذا الجيش ، فإن هذا البلد قد أشرف الناس على فتحه . ومتى علم الفرنج بهروبك ، قويت نفوسهم ، وركب العسكر خلفك ، وانصرفت عزائم السلطان عن حصار عكا إليك . فوافقه ، ورجع إلى خيمته ، وظن أن ذلك يستتر ، ولا يشعر السلطان به . وكان ذلك في ثامن جمادى الأولى . فلما كان في اليوم الثاني من هذه الحادثة ، خلع السلطان عليه ، وطيّب قلبه ، ثم قبض عليه في الثالث ، وجهّزه إلى قلعة صفد ، تحت الاحتياط ، ثم جُهّز منها إلى قلعة الجبل .
ذكر رحيل السلطان عن عكا ودخوله إلى دمشق وما قرره من أمر النيابة بها ، وبالكرك وغير ذلك
ولما قضى السلطان الوطر من فتح عكا وما يليها ، عاد إلى دمشق . فكان وصوله إليها ، في الساعة الثالثة من يوم الإثنين ، ثاني عشر جمادى الآخرة ، ودخل دخولاً ما دخله ملك قبله . وزينت البلد أحسن زينة ، ونزل بالقلعة . وفي يوم دخوله إلى دمشق ، فوض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير علم الدين سنجر الشجاعي المنصوري . ورتب الأمير جمال الدين أقش الأشرفي في نيابة الكرك ، عوضاً عن الأمير ركن الدين بيبرس الدواداري المنصوري ، بحكم استعفائه من النيابة بها . وأقره السلطان في جملة الأمراء بالديار المصرية .
وفي هذا اليوم ، قبض السلطان على الأمير علم الدين سنجر أرجواش المنصوري النائب بقلعة دمشق . وسبب ذلك ، أنه وقف بين يدي السلطان ، وكان الأمير شرف الدين بن الخطير الرومي ، يكثر من البسط بين يدي السلطان على الأمراء وغيرهم .

الصفحة 133