كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 144 """"""
فتحت ، ثلاثة وثلاثين يوماً . وكان للأمير علم الدين الشجاعي في فتحها النصيب الأوفى ، فإنه تحيّل في عمل سلسلة بالقرب من شراريف القلعة ، وأوثق طرفها بالأرض ، فتمسك الجند بها ، وطلعوا إلى القلعة . وكان ممن طلع إلى القلعة ، سيف الدين أقبجا ، أحد مماليك الأمير بدر الدين بكتاش الفخري ، أمير سلاح ، ولم يكن من أعيان مماليكه ، بل كان في خدمة ولده صلاح الدين خليل . فتحيل وطلع إلى سور القلعة ، وقاتل قتالاً شديداً ، وجرح ثم رجع ، والسلطان ينظر إليه . فسأل عنه ، فعرف به ، فأرسل إليه خلعة ، وأنعم عليه بمال ، ووعده بإقطاع ، وأمر أستاذه الأمير بدر الدين ، أن يذكر السلطان ، إذا عاد إلى حلب ، فلم يفعل . ثم صار بعد ذلك ، من جملة مقدمي الحلقة . وتأمّر بعد ذلك ، في سنة عشرة وسبعمائة بطبلخاناة ، وتولى عمل الفيوم من الديار المصرية . وفتحت القلعة عنوة ، وقتل من كان بها من المقاتلة ، وسبيت النساء والذرية ، ووجد فيها بطرك الأرمن ، فأخذ أسيراً . ومحا السلطان عن هذه القلعة ، تسميتها بالروم ، وسماها قلعة المسلمين . ووصل إلى الزردخاناة السلطانية ، من الأسرى ألف أسير ومائتا أسير . واستشهد عليها من الأمراء : الأمير شرف الدين بن الخطير ، وشهاب الدين بن ركن الدين أمير جاندار . ورتب السلطان الأمير علم الدين الشجاعي لعمارة القلعة ، وأمره بإخراب ربضها وإبعاده عنها . فتأخر لذلك ، وصحبته عسكر الشام .
ولما تم هذا الفتح ، أنشئت كتب البشائر إلى الممالك . وكان مما كتب إلى دمشق ، كتاب من السلطان إلى قاضي القضاة شهاب الدين الخويي ونسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، أخوه خليل بن قلاوون .
صدرت هذه المكاتبة إلى المجس السامي ، القاضي الأجل ، - وذكر ألقابه ونعوته - خصه الله بأنواع التهاني ، وأتحفه بالمسرات التي تُعوذ بالسبع المثاني . وأورد على سمعه ، من بشائر نصرنا وظفرنا ، ما يستوعب في وصفه ومدحه الألفاظ والمعاني . نبشره بفتح ما سطرح الأقلام إلى الأقاليم أعظم من بشائره ، ولا نشرت برد

الصفحة 144