كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 146 """"""
أضفى على أهل الإيمان من المجاهدين أثواب الثواب . فتحت هذه القلعة بقوة الله ونصره ، في يوم السبت حادي عشر شهر رجب الفرد . فسبحان من سهل صعبها ، وعجل كسبها ، وأمكن منها ومن أهلها ، وجمع شمل الممالك الإسلامية بشملها . فالمجلس السامي يأخذ خطه من هذه البشرى ، التي بشرت بها ملائكة السماء ، ملك البسيطة وسلطان الأرض . وتكاثر على شكرها كل من أرضى الله طاعة وأغضب من لم يرض ، من ذوي الإلحاد ، وممن حاد الله وحاد ، وممن ينتظر من هذا الإيعاز إنجاز الإيعاد ، فلا ينجيه الإمضاء هرباً ولا الإبعاد . فإنه بفتح هذه القلعة وتوقلها ، وحيازة ثغرها ومعقلها ، تحقق من بسيحون وجيحون ، أنهم بعد فتح باب الفرات ، بكسر أقفال هذه القلعة لا يرجون أنهم ينجون .
وما يكون بعد هذا الفتح ، إن شاء الله إلا فتح المشرق والروم والعراق ، وملك البلاد من مغرب الشمس إلى مطلع الإشراق . والله تعالى يمدنا من دعواته الصالحة ، بما تعدو به عقود الآمال حسنة الاتساق ، إن شاء الله .
كتب يوم الفتح المبارك سنة إحدى وتسعين وستمائة ، حسب المرسوم الشريف .
وكُتب عن الأمير علم الشجاعي ، نائب السلطنة بدمشق ، إلى قاضي القضاة ، شهاب الدين الخويي أيضاً . وهو من إنشاء الفاضل شرف الدين القدسي ، ما مثاله بعد البسملة : ضاعف الله مسار الجناب العالي المولوي القضائي الشهابي - وذكر ألقاه ونعوته - ولازالت وفود البشائر إليه تترى ، وعقود التهاني تُنص إليه نظماً ونيراً . وفواتح الفتح تتلى عليه لكل آية نصر يسجد لها القلم في الطرس شكراً ، وتشتمل على أسرار الظفر فيأتي الإسماع من غرابتها بما لم يحط به خبراً . وتتحفه بظهور أثر المساهمة فتهدي إليه سروراً وأجراً . المملوك يستفتح من حمد الله على ما منح من آلائه ، وفتح على أوليائه ، ووهب من الإعداء على أعدائه ، ويسّر من الظفر الذي أيد فيه بنصره وأمدّ بملائكه سمائه ، ما يستديم الإنجاد بحوله ، ويستزيد به الأمداد من فضله وطوله . ويوالي من الصلاة على

الصفحة 146