كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 151 """"""
وصحبته من الأمراء الأكابر ، الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، والأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري ، والأمير بدر الدين بكتوت الأتابكي ، والأمير بدر الدين بكتوت العلائي وغيرهم ، وقصد جبال الكسروان . وأتاهم من جهة الساحل ، الأمير ركن الدين بيبرس طقصوا ، والأمير عز الدين أيبك الحموي وغيرهما . والتقوا بالجبل ، وحضر إلى الأمير بدر الدين بيدرا من أثنى عزمه ، وكسر حدته . فحصل الفتور في أمرهم ، حتى تمكنوا من بعض العسكر ، في تلك الأوعار ، ومضايق الجبال ، فنالوا منهم . وعاد العسكر شبه المنهزم ، وطمع أهل تلك الجبال ، فاضطر الأمير بدر الدين إلى إطابة قلوبهم والإحسان إليهم . وخلع على جماعة من أكابرهم ، فاشتطوا في الطلب ، فأجابهم إلى ما التمسوه ، من الإفراج عن جماعة منهم ، كانوا قد اعتقلوا بدمشق ، لذنوب وجرائم صدرت منهم . وحصل للكسروان من القتل والنهب والظفر ، ما لم يكن في حسابهم . وحصل للأمراء والعسكر من الألم لذلك ، ما أوجب تصريح بعضهم بسوء تدبير الأمير بدر الدين بيدرا نائب السلطنة ، ونسبوه إلى أنه إنما أهمل أمرهم ، وفتر عن قتالهم ، حتى تمكنوا مما تمكنوا منه لطمعه ، وأنه تبرطل منهم وأخذ جملة كثيرة ، ولهج الناس بذلك . وتوجه الأمير بدر الدين بيدرا بالعساكر إلى دمشق . فتلقاه الملك الأشرف ، وأقبل عليه وترجل لترجله عند السلام عليه . فلما خلا به ، أنكر عليه سوء اعتماده وتفريطه في العسكر ، فمرض لذلك ، حتى أشاع الناس أنه سقي . ثم عوفي في العشر الأوسط من شهر رمضان ، فتصدق السلطان بجملة كثيرة ، شكراً لله تعالى على عافيته ، وأطلق جماعة كثيرة ممن كان في السجون . وتصدق هو أيضاً بجملة ، ونزل عن كثير مما كان قد اغتصبه من أملاك الناس ، بالإيجار الذي هو على غير الوجه الشرعي . وجمع العلماء والقضاة والقراء والمشايخ ، في العاشر من شهر رمضان ، بالجامع بدمشق لقراءة الختمة . وأشعل الجامع في هذه الليلة ، كما يشعل في نصف شعبان .

الصفحة 151