كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 157 """"""
ذكر توجه السلطان إلى الشام وأخذ بهسنا من الأرمن وإضافتها إلى الممالك الإسلامية
وفي هذه السنة ، بعد عود السلطان من جهة الصعيد ، تجهز بعساكره إلى الشام . وأمر الأمير بدر الدين بيدرا ، أن يتوجه بالعساكر إلى دمشق على الطريق الجادة . وتوجه الصاحب بالخزانة إليها ، وركب السلطان على الهجن ، وفي خدمته جماعة من الأمراء والخاصكية . وتوجه إلى الكرك وشاهد حصنها ورتب أموالها ، وتوجه منها إلى دمشق . فكان وصوله إليها ، في تاسع جمادى الآخرة . ووصل نائب السلطنة والصاحب قبله بثلاثة أيام .
ولما حلّ ركابه بدمشق ، أمر بتجهيز العساكر إلى بلاد سيس ، فوصل رسل صاحب سيس ، يسألون مراحم السلطان وعواطفه ، ويبذلون له الرغائب . فاتفق الحال على أن يسلموا لنواب السلطان بهسنا ومرعش وتل حمدون . فأعاد السلطان رسله ، وصحبتهم الأمير سيف الدين طوغان والي بر دمشق ، فتسلمها وبلادها . ووصل البريد بذلك في العشر الأول من شهر رجب . ودقت البشائر لذلك . ورتب السلطان في نيابة السلطنة ببهسنا ، الأمير بدر الدين بكتاش المنصوري ، وعين لها قاضياً خطيباً . واستخدم بها رجالاً وحفظة . ثم وصل الأمير سيف الدين طوغان ، وصحبته رسل سيس ، بالحمل والتقادم . وكان وصولهم إلى دمشق ، في ثامن عشرين شهر رجب بعد عود السلطان ، فتوجهوا إلى الديار المصرية .
وهذه بهسنا من أعظم القلاع وأحصنها ، ولها ضياع كثيرة . وهي في فم الدربند ، وكانت بيد ملوك الإسلام بحلب ، إلى أن ملك هولاكو حلب . وكان النائب بها من جهة الملك الناصر ، الأمير سيف الدين العقرب ، فأباعها لصاحب سيس ، بمائة ألف درهم ، أعطاه منها ستين ألف درهم ، وتسلمها الأرمن أهل سيس ، وبقيت في أيديهم إلى الآن .

الصفحة 157