كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 166 """"""
وحكى الأمير سيف الدين أبو بكر الجمقدار ، نائب أمير جاندار . قال : أرسلني السلطان أول النهار ، إلى الأمير بدر الدين بيدرا ، أن يتوجه في تلك الساعة بالعسكر ، ويسوق تحت الصناجق ، فأتيته فأخبرته بما أمر به السلطان ، فنفر في وجهي ، وقال السمع والطاعة . ثم قال : لم يستعجلني ؟ ورأيت في وجهه أثر الغيظ والغضب ، وما لم أعهده منه . ثم تركته ، وتوجهت إلى الزردخاناة وحملتها ، وحملت ثقلي . وتوجهت أنا ورفيقي الأمير صارم الدين الفخري والأمير ركن الدين بيبرس أمير جاندار . فبينما نحن سائرون عند الماء ، إذ نحن بنجاب سائق ، فأخبرنا بمقتل السلطان . فتحيرنا في أمرنا ، وإذا بالصناجق السلطانية قد لاحت وقربت . والأمير بدر الدين بيدرا تحتها ، والأمراء محدقون به . فتقدمنا وسلمنا عليه ، فقال له الأمير ركن الدين بيبرس ، أمير جاندار ، ياخوند ، هذا الذي فعلته كان بمشورة الأمراء . فقال : نعم ، أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم ، وها كلهم حاضرون . وكان من جملة من معه ، الأمير حسام الدين لاجين ، والأمير شمس الدين قراسنقر ، والأمير بدر الدين بيسري ، وأكثر الأمراء سائقون معه . ثم شرع يعدد مساوئ السلطان الأشرف ومخازيه ، واستهتاره بالأمراء ، ومماليك أبيه ، وإهماله لأمور المسلمين ، ووزارته ابن السلعوس . قال : ثم سألنا ، هل رأيتم الأمير زين الدين كتبغا ؟ قلنا : لا . فقال له بعض الأمراء : ياخوند ، هل كان عنده علم من هذا الأمر الذي وقع ؟ فقال : نعم ، وهو أول من أشار به . فلما كان في اليوم الثاني ، إذا نحن بالأمير زين الدين كتبغا ، قد جاء في طُلب كبير ، فيه من المماليك السلطانية نحو ألفي فارس ، وجماعة من العسكر والحلقة ، والأمير حسام الدين أستاذ الدار ؛ فالتقوه بالطرانة في يوم الأحد أول النهار ، ففوّق الأمير زين الدين كتبغا نحو بيدرا سهماً ، وقال له يا بيدرا ، أين السلطان . ثم رماه به ، ورمى جميع من معه . فقتل بيدرا ، وتفرق جمعه .

الصفحة 166