كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 174 """"""
ولما أمسكا ، حصلت مفاوضة بين الأمير علم الدين سنجر البندقداري ، وبين الأمير زين الدين كتبغا . فقال البندقداري له : ابن لاجين ، أحضره . فقال : ما هو عندي . فقال : بل هو عندك . فجرد البندقداري سيفه ليضرب به كتبغا ، فضربه بدر الدين بكتوت الأزرق ، ممولك كتبغا بسيفه ، حل كتفه ثم ألقوه عن فرسه ، وذبح بسوق الخيل .
وتوجه الأمير زين الدين كتبغا ومن معه من الأمراء ، إلى الباب المحروق وخرجوا منه ونزلوا بظاهر السور ، وأمروا مماليكهم وألزامهم وأجنادهم أن يلبسوا عددهم . وأرسل الأمير زين الدين كتبغا نقباء الحلقة ، وطلب المقدمين فحضروا إليه ، وراسل السلطان الملك الناصر ، في طلب الأمير علم الدين الشجاعي . وقال إن هذا قد انفرد برأيه في القب ضعلى الأمراء . وبلغنا عنه ما أنكرناه ، ونختار حضوره ليحاقق عما نقل عنه . فامتنع عن الحضور . ثم طلع السلطان على البرج الأحمر ، وتراءى للأمراء ، فنزلوا وقبلوا الأرض من مواقفهم . وقالوا نحن مماليك السلطان ، ولم نخلع يداً عن طاعة ، وليس قصدنا إلا حفظ نظام الدولة ، واتفاق الكلمة ، وإزالة أسباب المضار والفساد عن المملكة . واستمر الحصار سبعة أيام ، وكان الشجاعي ينزل إليهم ، ويناوشهم القتال ، ومعه طائفة من الأمراء وهم : الأمير سيف الدين بكتمر ، السلاح دار ، وسيف الدين طفجي ، وجماعة من المماليك السلطانية . ثم فارقه الأمراء والمماليك ، فكانوا يتسللون عشرة عشرة . فلما رأى حاله انتهت إلى هذه الغاية ، قال إن كنت أنا الغريم ، فأنا أتوجه إلى الحبس طوعاً مني ، وأبرأ إلى الأمراء مما نقل إليهم عني . وحضر إلى باب الستارة السلطانية ، وحلّ سيفه بيده ، وذهب نحو البرج . وتوجه معه الأمير سيف الدين الأقوش ، والأمير سيف الدين صمغار ، ليحبساه بالبرج الجواني . فوثب عليه مملوك الأقوش ، فقتله وحز رأسه . وأنزلوه إلى الأمير زين الدين كتبغا ، وقد لُفّ في بقجة . فأمر بأن يطاف برأسه القاهرة ومصر ، وظواهرهما . فطاف به المشاعلية على رمح ، وأشهروا قتله . ثم طلع الأمير زين الدين كتبغا والأمراء إلى القلعة ، في يوم الثلاثاء سابع عشرين صفر ، وأفرج عن الأمراء الذين اعتقلوا ، وجددت الأيمان ، وأنزل من كان بالأبراج والطباق ، من المماليك السلطانية ، الذين اتهموا بهذه الفتنة . فأُسكنت طائفة منهم في مناظر الكبش ، وطائفة في دار الوزارة ، وطائفة في الميدان الصالحي والميدان