كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 179 """"""
ذكر سلطنة السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري وهو العاشر من ملوك دولة الترك بالديار المصرية
كان جلوسه على تخت السلطنة في يوم الأربعاء ، حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة . وكان سبب ذلك ، أنه لما ملك السلطان الملك الناصر ، واستقر هو في نيابة السلطنة كما تقدم ، شرع يمهد القواعد لنفسه في مدة نيابته ، ويقرر الأحوال ، ويستميل الأمراء . فلما كان في أول هذه السنة ، انقطع في دار النيابة ، بقلعة الجبل ، وادّعى الضعف . وإنما كان انقطاعه لتقرير أمر السلطنة له . وركب السلطان الملك الناصر ، وجا إلى دار النيابة للسلام عليه وعيادته فلما اتفقت فتنة المماليك المتقدمة ، جلس الأمير زين الدين كتبغا في اليوم الثاني منها ، بدار النيابة . وجمع الأمراء ، وذكر لهم أن ناموس السلطنة ، وحرمة المملكة ، لا يتم لصغر سن السلطان الملك الناصر . فاجتمعت آراء الأمراء على إقامة الأمير زين الدين كتبغا في السلطنة . وحلفوا له ، وقُدم له فرس النوبة بالرقبة الملوكية ، وعليها ألقابه . وركب من دار النيابة ، قبل أذان العصر ، من هذا اليوم . ودخل من باب القلة إلى الأدر السلطانية ، والأمراء مشاة في خدمته . ودخل على تخت السلطنة ، وتقلب بالملك العادل . وحجب السلطان الملك الناصر ، وجعله في بعض القاعات هو وأمه . وعامله بما لا يليق أن يعامله به . فكانت مدة سلطنة الملك الناصر هذه - وهي السلطنة الأولى - سنة واحدة إلا ثلاثة أيام . ولم يكن له في هذه المدة من الأمر شيء . وإنما جرى عليه أمر السلطنة ، وخطب باسمه على المنابر ، وضربت السكة باسمه . وأما غير ذلك من الأمر والنهي ، والولاية والعزل ،

الصفحة 179