كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
المسعود نجم الدين خضر ، في سوء التدبير ، ففرقوا أموال الذخائر ، وأرادوا أن يستجلبوا بها الناس ، وانضم إليه كل من قطع رزقه . وتوجه منهم جماعة إلى الصلت فاستولوا عليها ، وأرسلوا إلى صرخد ، وقصدوا الاستيلاء عليها ، فعجزوا عن ذلك . وشرعوا في استفساد الناس ، وتسامع بهم العربان والطماعة ، أنهم يبذلون الأموال ، فقصدوهم من كل الجهات ، وهم يبذلون الأموال لمن يقصدهم ويصل إليهم . فكان جماعة من العربان وغيرهم يقصدونهم من أطراف البلاد ، ويجتمعون ويحضرون إلى الملك المسعود ، ويبذلون له الطاعة ، ويتقربون إليه بالنصيحة . فإذا وثق بهم ، وأنفق فيهم الأموال ، وحصلوا عليها ، وبلغوا الغرض مما راموه تسللوا وفارقوه ، وعادوا من حيث جاءوا وتفرقت جماعاتهم . وهو ومن عنده لا يرجعون عن بذل المال لمن يصل إليهم ، إلى أن فنيت أكثر تلك الذخائر ، التي كانت بالكرك ، التي حصنها السلطان الملك الظاهر ، وجعلها بهذا الحصن ذخيرة لأوقات الشدائد ، فنفقوها فيما لا أجدى نفعاً ، بل جلب ضرراً ، وغلّت الخواطر . ثم كاتبوا الأمير شمس الدين سنقر الأشقر نائب السلطنة بدمشق في الموافقة معهم . واتصل ذلك بالسلطان ، فجرد الأمير عز الدين أيبك الأفرم إلى الكرك على سبيل الإرهاب . وكان بينه وبين الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ما قدمناه .
ذكر الصلح بين السلطان والملك المسعود وانتقاض ذلك وإخراجه من الكرك
وفي سنة ثمانين وستمائة ، وردت رسل الملك المسعود إلى السلطان في طلب الصلح ، والزيادة على الكرك ، وأن يكون له ما كان للناصر داود ، فلم يجبه السلطان إلى ذلك ، ولا إلى إقامته بالكرك بالأصالة . وترددت رسائله إلى السلطان ، وسأل أن يقر بيده الكرك وأعمالها من حد الموجب إلى الحسا . فأجابهم السلطان ، وحلف لهم ؛ والتمسوا