كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 180 """"""
والإطلاق والمنع ، والتأمير وإعطاء الإقطاعات ، وغير ذلك من الأوامر ، فللأمير زين الدين كتبغا النائب ، الملقب الآن بالملك العادل .
وفي يوم الخميس ثاني عشر المحرم ، مد الملك العادل زين الدين كتبغا سماطاً عظيماً ، وجلس على عادة الملوك . ودخل الأمراء إليه ، وقبلوا يده ، وهنوه بالسلطنة وخلع على الأمير حسام الدين لاجين المنصوري ، وفوض إليه نيابة السلطنة ، وجعل الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحي ، أمير جاندار ، والأمير يسف الدين الحاج بهادر الحلبي ، أمير حاجب . وأمر أن تُجهّز الخلع لسائر الأمراء والمقدمين ، وللوزيرين الصاحب تاج الدين وابن عمه عز الدين ، وقضاة القضاة وأرباب المناصب ، ومن جرت عادتهم بالخلع ، والمماليك السلطانية الذين كانوا بدار الوزارة ، كونهم لم يوافقوا خوشداشيتهم ، على إقامة الفتنة .
وركب الناس بالتشاريف ، في يوم الخميس ، تاسع عشر المحرم . ولما جلس على تخت السلطنة ، كتب إلى نائب السلطنة بدمشق ، وسائر النواب بالممالك الشامية والأعمال ، يخبرهم بخبر سلطنته ، ويطلب منهم بذل اليمين . وكل أجاب بالسمع والطاعة ، وبادر إلى الحلف ، وما اختلف عليه إثنان . ومن غريب ما حكي في أمر الملك العادل هذا ، أن هولاكو لما استولى على حلب ، وملك الشام أجمع ، كما تقدم ، وعزم على تجريد العساكر إلى الديار المصرية ، أحضر نصير الدين الطوسي ، وقال له : تكتب أسماء مقدمي عساكري ، وتنظر أيهم يملك مصر ، ويجلس على تخت السلطنة بها . فكتب أسماءهم ، وحسب ودقق النظر ، فما ظهر له ، أنه يملك الديار المصرية إلا كتبغا ، فذكر ذلك لهولاكو . وكان كتبغا نوين صهر هولاكو ، فقدّمه على العساكر وسيره ، فقتل في وقعة عين جالوت ، كما تقدم . وكان كتبغا هذا ، في عسكر كتبغا نوين ، فسبي وهو شاب . ولعله كان في سن بلوغ الحلم أو نحوه . وأخّر الله السلطنة بالديار المصرية لهذا الاسم . وكان بين الحادثين ست وثلاثون سنة .

الصفحة 180