كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 189 """"""
أراضي عتليت ، وامتدوا في بلاد الساحل . ورسم السلطان بإقامة الأمير علم الدين سنجر الدواداري معهم ، إلى أن يحضر السلطان إلى الشام ، ومات منهم خلق كثير . وأخذ الأمراء أولادهم الشباب للخدمة ، وكانوا من أجمل الناس ، وتزوج الجند وغيرهم من بناتهم . ثم انغمس من بقي منهم في العساكر ، وتفرقوا في الممالك الإسلامية ، ودخلوا في دين الإسلام . وبقاياهم في الخدمة إلى وقتنا هذا .
ذكر وفاة قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن بن بنت الأعز وتفويض القضاء للشيخ ابن دقيق العيد
وفي هذه السنة ، في يوم الخميس ، سادس عشر جمادى الأولى ، توفي قاضي القضاة ، تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين أبي محمد عبد الوهاب بن بنت الأعز ، قاضي القضاة الشافعي ، بالديار المصرية ، ودفن بالقرافة ، في تربة والده ، رحمهما الله . وفي يوم وفاته ، توفي كاتبه نور الدين بن السوسي ، وكان خصيصاً به . وحملت جنازتاهما معاً .
وقد قدمنا من ذكر أخبار قاضي القضاة تقي الدين هذا وولاياته القضاء والوزارة ونظر الخزائن ، ما نستغني الآن عن إعادته ، رحمه الله تعالى . ولما مات ، فوض السلطان قضاء القضاة بالديار المصرية ، لشيخنا الإمام العلامة ، تقي الدين بقية المجتهدين أبي الفتح محمد ابن شيخ الإسلام مجد الدين علي بن وهب بن مطيع القشيري ، المعروف بابن دقيق العيد . وكانت ولايته في يوم السبت ثامن عشر الشهر المذكور . ولما ولي القضاء كان كثير التطلع إلى أخبار نوابه بالأعمال البرانية . وكان يذكرهم بكتبه المشتملة على المواعظ والتحذيرات ، من عواقب الغفلة والإهمال . فكان مما كتب به ، إلى بعض نوابه ، في سنة سبع وتسعين . وقيل إنه كتب إلى جميع النواب مثل ذلك . وكان مضمون كتابه الذي نقلت نسخته هذه : بسم الله الرحمن الرحيم ، الفقير إلى الله تعالى ، محمد بن علي .

الصفحة 189