كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 191 """"""
الصديق رضي الله عنه ، رائحة الكبد المشوي . وقال الفاروق : ليت أم عمر لم تلده . واستسلم عثمان وقال من أغمد سيفه ، فهو حر . وقال علي : - والخزائن بين يديه مملوءة - من يشتري مني سيفي هذا ، ولو وجدت ما ما أشتري به رداء ما بعته . وقطع الخوف نياط قلب عمر بن عبد العزيز ، فمات من خشية العرض . وعلق بعض السلف في بيته سوطاً ، يؤدب به نفسه إذا فتر . أفترى ذلك سدى ؟ أو وضح إنا نحن المقربون وهم البعداء ؟ وهذه أحوال لا توجد في كتاب السلم ولا الإجارة ولا الجنايات . نعم إنما تنال بالخضوع والخشوع ، وبأن تظمأ وتجوع ، وتحمي عينك الهجوع . ومما يعينك على الأمر الذي دعوت إليه ، ويزودك في سيرك إلى الغرض عليه ، أن تجعل لك وقتاً تعمره بالفكر والتدبير ، وأناة تجعلها معدة لجلاء قلبك . فإنه إن استحكم صدأه ، صعب تلافيه . واعرض عنه من هو أعلم بما فيه ، واجعل أكثر همومك لاستعداد المعاد ، والتأهب لجواب الملك الجواد . فإنه يقول : " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " .
ومهما وجدت من همتك قصوراً ، واستشعرت من نفسك عما بدا إليها نفوراً ، فاجأر إليه وقف ببابه واطلب منه ، فإنه لا يعرض عمق صدق ، ولا تعزب عن علمه خفايا الضمائر ، ألا يعلم من خلق .
وهذه نصيحتي إليك ، وحجتي بين يدي الله ، إن فرطتَ ، عليك ، اسأل الله لي ولك ، قلباً واعياً ، ولساناً ذاكراً ، ونفساً مطمئنة ، بمنّه وكرمه .
وفي هذه السنة ، عزل القاضي جمال الدين بن الشربشي نفسه من نيابة الحكم بدمشق ، عن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، وذلك في الجمعة ، رابع

الصفحة 191