كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 193 """"""
يوم وصوله إلى دمشق ، توجه إلى زيارة قبر والده ، الشيخ مجد الدين بجبل الصالحية . فلقيه القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي ، وسلم عليه ، فعرّف به . فأمر أن يركب بغلته الجنيب ، فركبها ، وحضر معه إلى تربة والده . فلما فرغ من القراءة ، ولاّه الصاحب قضاء القضاة على مذهبه ، فقبل . وخلع عليه في بكرة النهار ، وعلى بقية القضاة . وكان قاضي الحنابلة قبله ، القاضي شرف الدين الحسن ابن الشيخ شرف الدين عبد الله بن محمد بن قدامة المقدسي قد توفي ، وكانت وفاته في أول ليلة الخميس ، الثاني والعشرين من شوال ، ودفن ضحى يوم الخميس ، رحمه الله تعالى .
ولما استقر السلطان بدمشق ، خلع على الأمراء والمقدمين ، وعلى الصاحب تقي الدين توبة ، والشيخ نجم الدين بن أبي الطيب ، وولاه وكالة بيت المال ، وعلى شهاب الدين الحنفي . ثم شرع الصاحب فخر الدين في مصادرات الولاة والمباشرين . ورسّم على الأمير شمس الدين الأعسر شاد الدواوين بدمشق ، وعلى الأمير سيف الدين استدمر كرجي والي البر ، وعزله عن ولاية البر . وولى الأمير علاء الدين ابن الجاكي عوضه ، وطلب منهما الأمال ، ورسّم على سائر المباشرين ، وطلب من كل منهم حامكية سنة . واستخرج من شهاب الدين بن السلعوس ثماين ألف درهم ، وكان الأمير شمس الدين سنقر الأعسر باقياً على ولايته ، وهو الذي تولى المستخرج من المصادرين ، استدمر وغيره . وهو مع ذلك يحمل ما تقرر عليه من الأموال .
وفي يوم الإثنين رابع عشر ذي القعدة ، وصل الملك المظفر صاحب حماه إلى خدمة السلطان بدمشق ، فتلقاه السلطان وأكرمه . ثم جرد السلطان جماعة من العسكر المصري ، وعسكر دمشق إلى جهة حلب .
وفي يوم الجمعة ، ثامن عشرين ذي القعدة ، حضر السلطان إلى جامع بني أمية وصلى به الجمعة . وخلع على الخطيب قاضي القضاة بدر الدين بن جمامة ، وزار مصحف عثمان .
وفي يوم الإثنين مستهل ذي الحجة ، حضر الأمير عز الدين الحموي الظاهري ، نائب السلطنة بدمشق ، إلى خدمة السلطان . فأنكر عليه سوء اعتماده ، وطمع نفسه ، وما بلغه عنه من بسط يده في أخذ المصانعات . وأخذ السلطان خيوله المسوّمة وأمواله

الصفحة 193