كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
ثم أفرج عنه وجعله سلاح داراً كما كان ، في خدمة أبيه السلطان الملك المنصور ، قبل أن يستنيبه بدمشق . وقد تقدم من أخباره وتنقلاته ، ما نستغني الآن عن إعادته . مُلِّك بمنزلة العوجاء من بلاد الساحل . وذلك أنه لما هرب الملك العادل كتبغا من الدهليز ، وتوجه نحو دمشق ، في الثامن والعشرين من المحرم ، سنة ست وتسعين وستمائة ، اجتمع الأمراء وتشاوروا فيمن ينصب في السلطنة . فاتفقوا على إقامته في السلطنة ، وتقلب بالملك المنصور . وشرط الأمراء عليه شروطاً فقبلها والتزمها . منها أن يكون معهم كأحدهم ، وأن لا ينفرد برأي دونهم ، وأن لا يبسط أيدي مماليكه فيهم ، ولا يقدمهم عليهم ، وحلّفوه على ذلك ، فحلف عليه . فقال له الأمير سيف الدين قبجاق المنصوري : - وكان من جملة الأمراء المشار إليهم - نخشى أنك إذا جلست في المنصب ، تنسى هذا الذين تقرر بيننا وبينك ، وتقدم مماليكك ، وتخوّل منكوتمر . فكرر الحلف أنه لا يفعل ذلك ، ولا يخرج عما التزمه . فعند ذلك ، حلفوا له وركب بشعار السلطنة ، وتوجه بالعساكر نحو الديار المصرية .
ولما وصل إلى غزة ، حمل الأمير بدر الدين بيسري الجتر على رأسه . ثم رحل منها ، وكان وصوله إلى قلعة الجبل ، وجلوس على تخت السلطنة ، في يوم الجمعة عاشر صفر ، سنة ست وتسعين وستمائة . ثم ركب بشعار السلطنة ، وشقّ المدينة في يوم الخميس سادس عشر صفر .
ورتب في نيابة السلطنة بالديار المصرية مقر ملكه ، الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري ، وجعل الأمير سيف الدين سلار أستاذ الدار ، والأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار أمير جاندار ، والأمير سيف الدين الحاج بهادر الحلبي حاجباً . واستمر الصاحب فخر الدين بن الخليل في الوزارة برهة ، ثم عزله على ما نذكره إن شاء الله . وفوض نيابة السلطنة بالشام إلى الأمير سيف الدين قبجاق المنصوري .
هذا ما كان بالديار المصرية ، فلنذكر أخبار الملك العادل كتبغا .

الصفحة 198