كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 200 """"""
الحصا . وأعلن باسم السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين ، وخرج إليه الأمراء بدمشق ، طائفة بعد طائفة . فلما علم الملك العادل بذلك ، وتحقق انحلال أمره ، وتخاذل الناس عنه ، وثبات قدم الملك المنصور في السلطنة ، وانضمام الناس إليه ، أذعن إلى الطاعة ، والدخول فيما دخل الناس فيه . وقال للأمراء : السلطان الملك المنصور ، هو خوشداشي ، وأنا في خدمته وطاعته ، وأنا أكون في بعض القاعات بالقلعة إلى أن يكاتب السلطان ، ويرد جوابه بما يقتضيه رأيه في أمري . فعند ذلك اجتمع الأمراء بباب الميدان ، وحلفوا بأجمعهم للسلطان الملك المنصور ، وكتبوا إليه بذلك . وتوجه البريد إليه بالخبر ، ودخل الأمير سيف الدين جاغان إلى القلعة ورتب من يحفظ الملك العادل بها ، إلى أن يرد جواب السلطان المنصور في أمره ، وغلق أبواب دمشق ، في يوم السبت خلا باب النصر . وركب عسكر دمشق بالسلاح ، وأحاطوا بالقلعة حفظاً لها ، وخوفاً أن يخرج الملك العادل منها ، ويقصد جهة أخرى قبل ورود جواب السلطان في أمره . ثم دقت البشائر في وقت العصر من يوم السبت المذكور ، وأعلن باسم السلطان الملك المنصور . وقرأ المؤذنون في ليلة الأحد الخامس والعشرين من الشهر بالمآذن " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء " إلى آخر الآية . ودعوا للملك المنصور ، ودعا له قارئ المصحف ، بعد صلاة الصبح وضربت البشائر على أبواب الأمراء ، وأظهروا الفرح والسرور بسلطنته ، وفتحت أبواب البلد وزينت ، وفتح الناس حوانيتهم .
وفي يوم الأحد المذكور ، اجتمع القضاة بدار السعادة ، وحضر الأمراء والعساكر ، وحلفوا للملك المنصور . وتولى التحليف القاضي شمس الدين بن غانم ، بحضور الأمير سيف الدين أغرلوا ، نائب السلطنة ، وحلف هو أيضاً ، وأظهر السرور بسلطنة الملك المنصور . وقال : السلطان ، أعز الله تعالى نصره ، هو الذي عينني لنيابة السلطنة ، وأستاذي كان قد استصغرني ، فأشاد هو بي ، فأنا نائب السلطان الملك المنصور . ثم توجه هو والأمير سيف الدين جاغان إلى الأبواب السلطانية .
وخطب للملك المنصور حسام الدين لاجين ، بجوامع دمشق ، في يوم الجمعة ، مستهل شهر ربيع الأول ، سنة ست وتسعين وستمائة . وكان الأمير شمس الدين سنقر

الصفحة 200