كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 206 """"""
الجانبين ، وإن انجبر قصر عن الجانب الآخر ، فتعذر الانتفاع باليد ، واضطر إلى ذلك ، وتوقف عن الإجابة إليه . فدخل عليه الأمير شمس الدين سنقر الأعسر - وكان ذلك قبل القبض عليه - وقال له : أنا حصل لي مثل هذا ، فلما احتجت إلى كسر النصف الآخر ، ضربته بدقماق حديد ، فانكسر ثم جبر . وكلمه في ذلك بكلام فيه غلظ واستخفاف . ولم يسلك ما جرت العادة به من الآداب الملوكية . فكان هذا من أسباب القبض عليه كما تقدم .
واستمر السلطان على الانقطاع لهذه الحادثة ، إلى أن كملت صحته ، وصح ما جبر من يده وجسده . ثم ركب في حادي عشر صفر ، سنة سبع وتسعين وستمائة فاستبشر الناس بذلك ، ودقّت له البشائر بمصر والشام .
وفي سنة ست وتسعين وستمائة ، في الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول كانت وفاة الشيخ الإمام ، السيد الشريف ضياء الدين مفتي المسلمين ، أبي الفضل جعفر ابن الشيخ العارف القطب اتفاقاً ، عبد الرحيم بن أحمد بن مجنون الحسيني الشافعي ، رحمه الله . وكان قد ولي وكالة بيت المال ، في أول الدولة المنصورية ، مدة لطيفة ، ثم عزل نفسه .
وفيها ، في ليلة الثلاثاء ، سادس عشرين ربيع الأول ، توفي الشيخ الإمام الحافظ جمال الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ محمد بن عبد الله الظاهري ، وولده محمد ، عتيق السلطان الملك الظاهر غازي . ودفن بتربته بمقبرة باب النصر ، ظاهر القاهرة ، رحمه الله تعالى .
وفيها ، في يوم الإثنين ثامن عشر شعبان ، توفي الصدر سيف الدين أحمد ابن محمد بن جعفر الساوي بدمشق ، ودفن بداره ، جوار المدرسة الكروسية ، داخل دمشق . وكان كبير المحل في النفوس ، مشهور المكانة عند الخليفة المستعصم بالله وغيره . وقد تقدم ذكره في الدولة المنصورية . وكان حسن الشعر إلا أنه كان كثير الهجاء . وأهاجيه مشهورة ، منها الأرجوزة التي عملها في مباشري الدولة المنصورية الناصرية بدمشق ، وهي مشهورة . وفيها ، في ليلة الخميس الثالث والعشرين من ذي القعدة ، كانت وفاة الأمير عز الدين أزدمر العلائي ، أحد الأمراء بدمشق . وهو أخو الحاج علاء الدين طيبرس الوزيري ، رحمهما الله تعالى .

الصفحة 206