كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 208 """"""
ذكر توجه الملك السلطان الناصر إلى الكرك وإقامته بها
وفي هذه السنة ، جهز السلطان الملك المنصور حسام الدين الملكَ السلطان الناصر إلى الكرك ، فتوجه إليها ، وتوجه في خدمته الأمير سيف الدين سلار أستاذ الدار ، فوصل إليها في رابع شهر ربيع الأول . فأخبرني قاضي القضاة زين الدين علي بن مخلوف المالكي ، عن خبر إرساله إلى الكرك . قال : طلبني الملك المنصور حسام الدين ، وقال لي : إعلم أن السلطان الملك الناصر ابن أستاذي ، وأنا والله في السلطنة مقام النائب عنه . ولو علمت أنه الآن يستقل بأعباء السلطنة ولا تنخرم هذه القاعدة ، ويضطرب الأمر ، أقمته وقمت بين يديه . وقد خشيت عليه في هذا الوقت ، وترجح عندي إرساله إلى قلعة الكرك . فيكون بها إلى أن يشتد عضده ، ويكون من الله الخير . والله ما أقصد بإرساله إليها إبعاده ولكن حفظه ، وأما السلطنة فهي لي . وأمثال هذا الكلام . قال : فشكرته على ذلك ، ودعوت له . ولعل السلطان الملك المنصور ، إنما قال هذا القول تطبيباً لقلب قاضي القضاة ، لا حقيقة ، وكان في طي الغيب كذلك .
ولما توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك ، توجه في خدمته جماعة من مماليكه ومماليك أبيه السلطان الملك المنصور ، منهم الأمير سيف الدين بهادر الحموي المنصوري وهو أكبرهم سناً ، وهو القائم في خدمته مقام اللالا ، والأمير سيف الدين أرغون المنصوري الناصري الدوادار ، وكان قد تربى في خدمة السلطان من صغره ، وسيف الدين طيدمر جوباش ، رأس نوبة الجمدارية وغيرهم .
وكان النائب بالكرك يوم ذاك ، الأمير جمال الدين أقش الأشرفي المنصوري وكان في خدمة السلطان الملك الناصر بالكرك ، وهو باق على نيابته بها .
ذكر القبض على الأمير بدر الدين بيسري الشمسي وغيره
وفي هذه السنة ، في سادس شهر ربيع الآخر ، قبض السلطان على الأمير بدر الدين بيسري الشمسي الصالحي . واعتقله بالقاعة الصالحية ، بقلعة الجبل . وكان مكرماً

الصفحة 208