كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 214 """"""
وأقاموا بها ثلاثة أيام ، حتى نصبوا جسراً مرت العساكر عليه ، ورجعوا إلى بغراس ، ثم إلى مرج أنطاكية . وأقاموا ثلاثة أيام ، ورحلوا إلى جسر الحديد بأرض الروج ، عازمين على العود إلى الديار المصرية ، بالعساكر المصرية إلى مستقرها .
وكان الأمير بدر الدين أمير سلاح ، لما نازعه الدواداري في التقدمة ، ومنعه من الحصار ، وصمم على الاقتصار على الإغارة ، قد كتب إلى الأمير سيف الدين بلبان الطباخي ، نائب السلطنة بالمملكة الحلبية ، يعلمه بما وقع والتمس منه مطالعة السلطان بذلك . فطالع بصورة الحال ، فورد الجواب من السلطان ، والعساكر بالروج ، يتضمن الإنكار على الأمير علم الدين الدواداري ، كونه ادعى التقدمة على الأمير بدر الدين أمير سلاح ، واقتصر على الإغارة ، وأن الدواداري إنما خرج مقدماً على مضافيه خاصة ، وأن التقدمة على سائر الجيوش للأمير بدر الدين أمير سلاح . ورسم السلطان أن العساكر لا تعود ، إلا بعد فتح تل حمدون . وإن عادت قبل فتحها ، فلا إقطاع لهم بالديار المصرية ؛ إلى غير ذلك من الحث على فتحها . فعند ذلك ، عطفت العساكر من الروج إلى جهة حلب ، ووصلوا إليها ، وأقاموا بها ثمانية أيام ، وتجهزوا منها بما يحتاجون إليه . ودخلوا إلى بلاد سيس بأثقالهم ، وعبروا بجملتهم من عقبة بغراس . وجرد الأمير بدر الدين بكتاش أمير سلاح ، الأميرين سيف الدين كجكن ، وبهاء الدين قرا أرسلان ، إلى إياس ، فأكمن لهم الأمن في البساتين ، فلم تتمكن العسكر من قتالهم ، ورحلوا شبه المنهزمين ، فأنكر أمير سلاح وسبهم ، فاعتذروا بضيق المسلك والتفاف الأشجار ، وعدم التمكن من العدو . ثم رحل بجميع الجيش ، ونزل على تل حمدون ، فوجدها خالية ، وقد انتقل من بها من الأرمن إلى قلعة نُجيمة ، فتسلمها ، في سابع شهر رمضان ، وسلمها للأمير علم الدين الشيباني ، النائب ببغراس .
ولما دخل الجيش إلى بلاد سيس ، جرّد الأمير سيف الدين الطباخي ، نائب السلطنة بحلب ، طائفة من عسكرها ، ومن انضم إليهم من التركمان وغيرهم ، ففتحوا قلعة مرعش ، في عاشر شهر رمضان أيضاً . ثم جاء الخبر إلى العسكر أن وادياً تحت قلعة نجيمة وحموص قد امتلأ بالأرمن ، وأن المقاتلة من قلعة نجيمة يحمونهم .

الصفحة 214