كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 215 """"""
فندب إليه طائفة من العسكر ، فرجعوا ولم يبلغوا غرضاً . ثم سيّر طائفة ثانية ، فرجعوا كذلك . فرحل الأمراء بجملتهم في نفر من أعيان الجيش وأقويائه ، وقاتلوا أهل نجيمة ، حتى ردوهم إلى القلعة . ثم تقدم الجيش إلى الوادي ، وقتلوا من به من الأرمن ، وأسروا ونهبوا ، ونازلوا قلعة نجيمة ، ليلة واحدة . ثم خرج العسكر إلى الوطاة ، وبقي صاحب حماه وأمير سلاح ، في مقابلة من بالقلعة ، حتى خرج العسكر ، خشية أن يخرج أهل نجيمة ، فينالوا من أطراف العسكر . ثم خرجوا بجملتهم واجتمعوا بالوطاة . فوصل البريد بكتب السلطان ، يتضمن أنه بلغه أن تل حمدون أخليت ، وأنها أخذت بغير قتال ولا حصار ، وانتقل من بها إلى قلعة نجيمة . وأمر بمنازلة قلعة نجيمة وحصارها ، إلى أن تفتح ، فعادت العساكر إليها وحاصروها . واختلف أمير سلاح والدواداري أيضاً ، فقال الدواداري : إن هذا الجيش بجملته إذا نازل هذه القلعة ، لا يظهر من اجتهد وقاتل ، ممن تخاذل وعجز . والقتال عليها إنما هو من وجه واحد . والرأي أن يتقدم في كل يوم مقدم ألف ، ويزحف بجماعته ليظهر فعله ، واستقل القلعة واستصغرها وحقّر أمرها . وكان في جملة كلامه أن قال : أنا آخذ هذه القلعة في حجري . فاتفق الأمر على أن يتقدم الدواداري بألفه ، للزحف في أول يوم . فزحف بمن معه حتى لاحف السور . فأصابه حجر منجنيق في مشط رجله ، فقطعه وسقط إلى الأرض . فتبادر الأرمن بالنزول إليه ، وكادوا يأسرونه . فحمل أمير سلاح بجماعته ، حتى حجزهم عنه . وأخرج الدواداري على جنوية ، وحمل إلى وطاقه . وعادوا إلى حلب ، ثم توجه منها إلى الديار المصرية . وقد سكنت نفسه ، ونقصت حرمته عما كانت عليه ، وكان قبل ذلك له حرمة وافرة . وقتل الأمير علم الدين سنجر طقصها الناصري ، على هذه القلعة . وزحف الأمير شمس الدين آقسنقر كرتاي في اليوم الثاني ، وانتهى إلى سور القلعة ونقبه ، وخلّص منه ثلاثة أحجار . واستشهد من مماليكه وأجناده أحد عشر رجلاً ، ونفران من الحجارين .
ثم زحف أمير سلاح ، وصاحب حماه ، وبقية الجيش . ورتّبهم أمير سلاح

الصفحة 215