كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 216 """"""
طوائف ، طائفة تتلو أخرى . وقرر معهم ، أن يردف بعضهم بعضاً . وتقدموا بالجنويات ، حتى وصلوا إلى السور ، وأخذوا مواضع النقوب ، وأقاموا الستائر . ولازموا الحصار عليها واحداً وأربعين يوماً . وقد اجتمع بها جمع كثير من الفلاحين والنساء والصبيان من أهل القرى المجاورة لها ، فقلّت المياه بالقلعة . فاضطر الأرمن إلى إخراجهم منها ، فأخرجوهم في ثلاث دفعات . فأخرجوا في المرة الأولى مائتي رجل ، وثلاثمائة امرأة ومائة وخمسين صبياً . فقتل العسكر الرجال ، وتفرقوا النساء والصبيان . ثم أخرجوا في المرة الثانية مائة وخمسين رجلاً ، ومائتي امرأة ، وخمسة وسبعين صبياً ، ففعلوا بهم كذلك . ثم أخرجوا جماعة أخرى في المرة الثالثة . ولم يتأخر بالقلعة إلا المقاتلة ، وقلّت عندهم المياه ، حتى اقتتلوا بالسيف على الماء ، فسألوا الأمان فأعطوه ، وسلموا القلعة في ذي القعدة من السنة . وخرجوا منها ، وتوجهوا إلى مأمنهم .
وفي أثناء هذا الحصار ، وصلت إلى العسكر مفاتيح النقير وحجر شغلان وسرقند كار وزنجفره وحموص ، وتتمة أحد عشر حصناً من حصون الأرمن . وسلم الأمير بدر الدين أمير سلاح هذه الفتوح إلى الأمير سيف الدين استدمر كرجي أحد الأمراء بدمشق ، وجعله نائباً بها . فلم يزل استدمر بهذه الحصون ، إلى أن بلغه حركة التتار وقربهم ، فأباع ما بها من الحواصل وتركها خالية ، فاستولى الأرمن عليها .
ولما تكامل هذا الفتح ، عادت العساكر إلى حلب ، ونزلوا بها ، ليريحوا خيولهم . وترادف عليهم الأمطار وتزايدت ، حتى سكنوا الخانات والدور . ثم أردفهم السلطان بتجريدة أخرى ، من الديار المصرية ، صحبة الأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار ، والأمير سيف الدين طقطاي ، والأمير مبارز الدين أوليا ابن قرمان ، والأمير علاء الدين ايدغدي شقير الحسامي . فوصلوا إلى دمشق ، في ذي القعدة ، وتوجهوا إلى حلب ، وأقاموا بها مع العسكر . وجهز صاحب سيس رُسلاً إلى الأبواب السلطانية يسأل عواطف السلطان ومراحمه . واستمر العسكر بحلب ينتظرون ما يرد عليهم ، من أبواب السلطان . فأقاموا عليها شهوراً ، إلا الأمير حسام الدين أستاذ الدار ، فإنه توجه إلى الأبواب السلطانية ، على خيل البريد . وكان عود هذا العسكر إلى الديار المصرية ،

الصفحة 216