كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 224 """"""
الأمراء ، الذين وصلوا إليه ، وهم طلبة السلطان ، وكونه تمكن من القبض عليهم ، ولم يفعل . وكتب إليه الأميران سيف الدين كجكن ، وعلاء الدين ايدغدي شقير ، وهما يلومانه وينكران عليه كونه أقر هؤلاء الأمراء عنده ، مع تمكنه من القبض عليهم ، وقد علم خروجهم على الطاعة وأغلظا له في القول ، وتوعداه ، أنه متى لم يقبض عليهم ، حضروا إليه ، وقبضوا عليه وعليهم . وكاشفاه في القول مكاشفة ظاهرة . فتسلل عن الأمير سيف الدين قبجاق من معه من العسكر الشامي ، وعادوا إلى دمشق ، أولاً فأولاً . فكتب إلى جاغان في ذلك ، وأن يردهم إليه ، فلم يفعل . وشكر جاغان من حضر . فرأى الأمير سيف الدين قبجاق أن أمره قد انتقص ، وبلغه أن العسكر المجرد بحلب قد توجه نحوه . فركب في ليلة الثلاثاء ، ثامن شهر ربيع الآخر من حمص ، هو والأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار ، والأمير فارس الدين البكي ، والأمير سيف الدين عزار ، وقبضوا على الأمير علاء الدين أقطوان النائب بحمص ، واستصحبوه معهم إلى القريتين ، ثم أخذوا فرسه وأطلقوه . وتوجهوا في جماعة ، يقال إن عدة من صحبهم من ألزامهم ومماليكهم خمسمائة فارس . وتوجهوا لا يلوون على شيء ، وتعقبهم الأمير سيف الدين كجكن والأمير علاء الدين ايدغدي شقير ، في طائفة من العسكر إلى الفرات ، فما أدركوهم ، ووجدوا بعض أثقالهم فأخذوها .
ثم ورد عليهم الخبر بقتل السلطان ، فانحلت عزائمهم ، وتفللت آراؤهم . وساق سيف الدين بلبان القصاص البريدي إلى رأس عين ، ولحق الأمير سيف الدين قبجاق بها . وأعلمه بمقتل السلطان ، وسأله الرجوع بمن معه . وحلف له على صحة ما أخبره به ، فظن أن ذلك مكيدة . ثم تحقق الحال بعد ذلك وقد تورط ، وصار في بلاد العدو ، فلم يمكنه الرجوع .
ولما وصل الأمراء إلى رأس عين ، بلغ مقدم التتار بتلك الجهة خبر وصولهم ، فخافهم . ثم تحقق أنهم حضروا إلى خدمة الملك قازان ، فحضر إليهم وأكرمهم ، وخدمهم صاحب ماردين ، وقدم لهم أشياء كثيرة . وقصد بولاي مقدم التتار ، بتلك الناحية ، أن الأمراء يتوجهون إلى جهة قازان على خيل البريد . ويتأخر من معهم من أتباعهم وألزامهم عن الوصول إلى البلاد ، حتى يرد المرسوم . فامتنع قبجاق من ذلك ، وأبى إلا الدخول بالطُلب والجماعة الذين معه ، فامتنع التتار عليه . فيقال إنه أخرج

الصفحة 224