كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 226 """"""
اختص بخدمة السلطان ، وتقدم عنده ، وجعله مقدماً على المماليك السلطانية ، على ما كان عليه الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري ، في الدولة الأشرفية . فبقي كرجي هو الساعي في مصالح المماليك السلطانية والمتلقي لمصالحهم ، فانضموا إليه ودخلوا تحت طاعته ، وقويته شوكته بهم ، وشوكتهم به . فثقل ذلك على منكوتمر ، وعمل على إبعاده . وحسّن إلى السلطان أن يبعثه إلى نيابة السلطنة بالفتوحات ببلاد سيس . وكان قد تقدم من الأمراء ، قبل كرجي ، الأمير سيف الدين تمربغا ، فعمل عليه منكوتمر وأبعده وأخرجه إلى الكرك . ثم نقله من الكرك إلى طرابلس ، في جملة الأمراء ، فمات بها . فلما اتصل الخبر بكرجي ، حضر إلى بين يدي السلطان ، وتضرر واستعفي من هذه الولاية فأعفاه السلطان ، وشرع في العمل على منكوتمر . واتفق أن الأمير سيف الدين طقطاي ، أحد الأمراء الخاصكية ، وهو نسي الأمير سيف الدين طقجي ، خاطب منكوتمر في أمر فأغلظه في القول ، وسبّه ، فشكا ذلك إلى الأمير سيف الدين طقجي ، فأسرّها في نفسه . واجتمع هؤلاء الأمراء ، وتشاكوا فيما بينهم ، وذكروا سوء سيرة منكوتمر فيهم ، وقبح فعله واستخفافه بهم . وعلموا أنهم لا يتمكنون منه ، مع بقاء السلطان مخدومه ، فاجتمع رأيهم على اغتيال السلطان .
فلما كان في هذه الليلة المذكورة ، جلس السلطان يلعب الشطرنج مع إمامه نجم الدين بن العسال ، وكان قد تقدم عنده ، وعنده قاضي القضاة حسام الدين الحنفي ، وكانت له عادة بالمبيت عند السلطان في بعض الليالي . فدخل عليه كرجي على عادته ، فسأله السلطان عما فعل . فقال : قد أغلقت على الصبيان في أماكن مبيتهم ، وكان قد رتب بعضهم في أماكن من الدهليز . فشكره السلطان وأثنى عليه . وذكر للقاضي حسام الدين خدمته للسلطان ، وملازمته الخدمة . فقبّل كرجي الأرض ، ثم تقدم لإصلاح الشمعة التي بين يدي السلطان ، فأصلحها وألقى فوطة خدمة كانت بيده على نمجاة السلطان . وكان سلاح دار النوبة قد وافقه وباطنه على قتل السلطان . ثم قال كرجي للسلطان : ما يصلي مولانا السلطان العشاء ، فقال نعم ، وقام للصلاة . فأخذ السلاح دار النمجاه من تحت الفوطة . فعند ذلك ، جرد كرجي سيفه ، وضرب السلطان به على كتفه ،

الصفحة 226