كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 227 """"""
فأراد السلطان أخذ النمجاه فلم يجدها . فقبض على كرجي ، ورماه تحته ، فضربه السلاح دار بالنمجاه على رجله ، فقطعها . فانقلب السلطان على ظهره ، وأخذته السيوف ، حتى قتل . وهرب ابن العسال الإمام إلى خزانة ، وصرخ قاضي القضاة حسام الدين عند ضرب السلطان ، لا يحل هذا لكم ، فهم كرجي بقتله . ثم تركه ، وأغلق كرجي الباب عليه ، وعلى السلطان .
ثم خرج كرجي إلى الأمير سيف الدين طقجي ، وقد استعد هو أيضاً ، وهو ينتظر ما يفعله كرجي ، فأعلمه بقتل السلطان . ثم توجهوا إلى دار النيابة ، وقد أغلقت . فطرق كرجي الباب ، واستدعى الأمير سيف الدين منكوتمر برسالة السلطان ، فأنكر حاله ، واستشعر السوء ، وامتنع من الإجابة . ثم قال له : كأنكم قتلتم السلطان ، فقال : نعم قتلناه ، وسبّه . فعند ذلك ذلّ منكوتمر ، وضعفت نفسه ، واستجار بالأمير سيف الدين طقجي ، فأجاره وحلف له أنه لا يؤذيه ، ولا يمكن من أذاه ، فاطمأن ليمينه وخرج إليهم . فأرسلوه إلى الجب ، وأنزلوه إليه ، فلما رآه الأمراء ، قاموا إليه ، وظنوا أن السلطان نقم عليه ، وسألوه عن الخبر . فأخبرهم بقتل السلطان ، فسبوه ، وذكّروه بسوء فعله ، وقصدوا قتله ، ثم تركوه .
ثم رجع كرجي بعد اعتقال منكوتمر إلى مجلسه . وقال لطقجي : نحن ما قتلنا السلطان لإساءة صدرت منه إلينا ، وإنما قتلناه بسبب منكوتمر ، ولا يمكن إبقاءه . ثم قام ، وتوجه إلى الجب ، وأخرجه وذبحه من قفاه على باب الجب .
فكانت مدة سلطنة الملك المنصور حسام الدين لاجين ، منذ فارق الملك العادل الدهليز ، وحلف الأمراء له بمنزلة العوجا ، في يوم الإثنين الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وتسعين وستمائة ، والى أن قتل في هذه الليلة ، سنتين وشهرين وثلاثة عشر يوماً ، ومنذ خلع الملك العادل نفسه بدمشق ، وحلف له ، واجتمعت الكلمة عليه بمصر والشام ، في يوم السبت رابع عشرين صفر من السنة المذكورة إلى هذا التاريخ الذي قتل فيه ، سنتين وشهرين إلا ثلاثة عشر يوماً . ودفن بتربته بالقرافة ، ودفن نائبه منكوتمر بالتربة أيضاً .

الصفحة 227