كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 229 """"""
إليّ أنه يريد أن يضربني به ، فنظرت إليه ، وقلت له يا أشقر ، أعط السلاح لبكتوت يحمله ، وتوجه أنت مكانه . قال بكتوت العلائي : فقلت للسلطان ، أعيذ مولانا السلطان بالله ، أن يخطر هذا بباله ، ولاجين أقل من هذا ، وأضعف نفساً أن يخطر هذا بباله ، فضلاً عن أن يقدِم عليه ، وهو مملوك السلطان ، ومملوك السلطان شهيد ، وتربية بيته الشريف . هذا معنى كلامه .
قال : وشرعت أصرفه عن هذا . فقال لي : والله ما عرفتك إلا ما خطر لي وتصورته . قال بكتوت العلائي : فخشيت على لاجين ، كون هذا السلطان يتخيل هذا الأمر فيه ، وينكفه عنه . وأردت أن أنصحه ، فاجتمعت به في تلك الليلة في خلوة . وقلت له : بالله عليك ، تجنب هذا السلطان ، ولا تكثر من حمل السلاح ، ولا تنفرد معه . فسألني عن موجب هذا الكلام . فأخبرته بما ذكره السلطان لي ، وبما أجبته . فشرع يضحك ضحكاً كثيراً ويتعجب . فقال ، ما ضحكي إلا من إحساسه ، والله لما نظر إلي ، وقال لي يا أشقر كنت قد عزمت على تجريد سيفه وقتله به . قال بكتوت العلائي : فعجبت من ذلك غاية العجب . ولنرجع إلى سياقة الأخبار بعد مقتلهما ، إن شاء الله تعالى .
ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر ، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام ، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر
لما قتل الملك المنصور حسام الدين لاجين ، ونائبه الأمير سيف الدين منكوتمر ، كان بالقلعة من الأمراء ، غير طقجي وكرجي ، الأمير عز الدين أيبك الخزندار ، والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير وسيف الدين سلار الأستادار ، والأمير حسام الدين لاجين الرومي أستاذ الدار ، وكان قد وصل على خير البريد من حلب ، بعد خروجه من بلاد سيس ، والأمير جمال الدين آقش الأفرم ، وكان قد عاد من دمشق ، بعد إخراج نائبها والعسكر منها إلى حمص ، كما تقدم ، والأمير بدر الدين عبد الله السلاح دار ، والأمير سيف الدين كرد الحاجب ، هؤلاء الأمراء المشار إليهم . فاجتمعوا ، واتفقت آراؤهم على مكاتبة السلطان الملك الناصر وإحضاره من الكرك ، وإعادة السلطنة إليه ، وأن

الصفحة 229