كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 231 """"""
اليوم ، هو ومن معه . وقد اتصل به خبر مقتل السلطان فاتفق الأمراء الأكابر على الخروج لتلقيه . وعرضوا ذلك على الأمير سيف الدين طقجي ، وأشاروا أن يركب معهم . فامتنع من ذلك ، وأظهر عظمة وكِبراً . فقالوا له إن عادة الملوك تتلقى أكابر الأمراء ، إذا قدموا من الغزاة ، سيما مثل هذا الأمير الكبير ، الذي هو بقية الأمراء الصالحية . وقد طالت غيبته ، وفتح هذه الفتوح . ولاطفوه ، إلى أن ركب معهم ، وخرج للقائه . فلما التقوا ، سلموا عليه ، وسلّم عليهم . ثم قال الأمير بدر الدين بكتاش ، أمير سلاح ، للأمراء : أنا عادتي إذا قدمت من الغزاة ، يلتقاني السلطان . وكيف ما أجراني على عادتي . وكان قد علم بمقتل السلطان . وإنما أراد بذلك فتح باب للحديث . فقال له طقجي : - وهو إلى جانبه - السلطان قتل . فقال : ومن قتله . قال بعض الأمراء : قتله كرجي ، وهذا . - وأشار إلى طقجي فقال : لابد من قتل قاتله ، ونفر في طقجي ، وقال له : لا تسوق إلى جانبي . فرفس طقجي فرسه ، وبرز عنه . فحمل عليه أحد المماليك السلطانية ، فضربه بسيفه ، فقتل . واتصل خبر مقتله بكرجي ، وكان قد تأخر في طائفة من المماليك السلطانية ، تحت القلعة . فهرب وقصد جهة القرافة فأدركوه عند قبور أهل الذمة ، ببساتين الوزير ، فقتل هناك ، ولقي عاقبة بغيه .
قضى الله أن البغي يصرع أهله . . . وأن على الباغي تدور الدوائر
ولما قُتل الأمير سيف الدين طقجي ، توجه الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح إلى داره بالقاهرة ، واستقر بها . وكانت غيبته في غزوة سيس هذه ، أحد عشر شهراً وأياماً . وحضر إليه بعض الأمراء الأكابر ، واستشاره في أمر السلطنة . فأشار بإعادة السلطان الناصر ، ووافق رأيه رأيهم واتفقت الآراء على أن ترجع الحقوق إلى نصابها ، وتقرّ السلطنة الشريفة بيد من هو أحق وأولى بها ، وتعود السلطنة إلى من نشأ في حجرها وليداً ، وتخول من منصبها الشريف طارفاً وتليداً . وندبوا الأمير سيف الدين آل ملك الجوكندار ، والأمير علم الدين سنجر الجاولي ، فتوجها إلى خدمة السلطان الملك الناصر بالكرك ، على خيل البريد ، لإحضاره . وطالعه الأمراء بما وقع ، وما اجتمعت الآراء عليه . وبقي الأمر بالديار المصرية مشتركاً ، بعد مقتل طقجي ، بين الأمراء ، إلى أن

الصفحة 231