كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 237 """"""
العود . فسأل أن يجرد السلطان معه جيشاً ، ليتوجه إلى بلاد التتار ، ويأخذ عياله ؛ ويرجع إلى خدمة السلطان . فجهزه السلطان إلى حلب . ورسم أن يجرد معه الأمير سيف الدين بكتمر الجلمي ، وأعانه . فوصل إلى دمشق في الحادي والعشرين من شهر رمضان . وتوجه في الثالث والعشرين من الشهر ، صحبة الأمير بدر الدين الذردكاش . ولما وصل إلى حلب ، جرد معه الأمير سيف الدين بكتمر الجلمي حسب المرسوم . فساروا إلى بلاد سيس ، فشعر بهم صاحبها والتتار الذين بتلك الأعمال . فأخذوا عليهم الطرق والمضايق ، والتقوا واقتتلوا ، فقتل الجلمي ، ولجأ سلامش إلى بعض القلاع . فأرسل قازان في طلبه ، واستنزله فحمل إليه فقتله .
واستقر قطقطو ومخلص الدين الرومي في الخدمة الشريفة السلطانية بالديار المصرية . فأنعم السلطان على قطقطو بإقطاع ، وعلى مخلص الدين براتب .
وفي هذه السنة ، في شهر رمضان ، وصل رسول صاحب سيس ورسول صاحب القسطنيطينية بتحف وهدايا ، وتقادم للسلطان . فوصلوا إلى دمشق في رابع الشهر ، وتوجهوا منها إلى الأبواب السلطانية ، في سادسه . ويقال إن مضمون رسالة صاحب القسطنطينية ، الشفاعة في صاحب سيس ، والله أعلم .
ذكر وصول الفرنج إلى الشام وتكسير بعضها ، ورجوع ما سلم منها
وفي هذه السنة ، في العشر الآخر من شعبان ، وصل إلى بيروت مراكب كثيرة . وبطش للفرنج فيها جماعة كثيرة من المقاتلة ، يقال إن البطش كانت ثلاثين بطشة ، في كل بطشة منها ، نحو سبعمائة . وقصدوا أن يطلعوا من مراكبهم إلى البر ، وتحصل إغارتهم على بلاد الساحل . فلما قربوا من البر ، أرسل الله عز وجل عليها ريحاً مختلفة . فغرقت بعض هذه المراكب ، وتكسر بعضها . ورجع من سلم منهم على أسوأ حال ، وكفى الله تعالى شرهم . وحكي عن الريّس ببيروت ، أنه قال : والله لي خمسون سنة ، ألازم هذا البحر ، فما رأيت مثل هذه الريح ، التي خرجت على هذه المراكب ، وليست من الرياح المعروفة عندنا .

الصفحة 237