كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 241 """"""
أحد الأمراء المماليك السلطانية الذين كانوا بدار الوزارة ، على إثارة فتنة . فبينما الأمراء في الموكب ، لم يشعروا إلا وقد شهر برلطاي سيفه ، وحمل نفسه وكرّ صوب الدهليز المنصور السلطاني ، فأُمسِك . وسيره السلطان إلى الأمراء ، فقتل لوقته . وقبض على جماعة من المماليك السلطانية ، وسيروا إلى قلعة الكرك ، واعتقلوا بها . وقبض على جماعة من الأويراتية ، فشنقوا بظاهر غزة . وكان من اتهم بمباطنتهم قطلوبرس العادلي ، فطُلم فلم يوجد . واختفى مدة ، ثم حصل الظفر به ، بعد ذلك ، فشنق بسوق الخيل تحت القلعة .
وأقام السلطان الناصر بهذه المنزلة مدة ، ثم رحل منها ، وتوجه نحو دمشق ، فوصل إليها في يوم الجمعة ، ثامن شهر ربيع الأول ، ونزل بقلعتها . وهذه السفرة ، هي أول وصول السلطان الملك الناصر إلى دمشق ، وحال وصوله ، أمر بخروج العسكر الشامي ، فخرج من دمشق ، وتلته العساكر المصرية . ثم توجه السلطان في أعقابهم ، إلى جهة حمص ، لقتال التتر ، ودفعهم عن الشام ، وكان رحيله من دمشق ، في وقت الزوال ، من يوم الأحد سابع عشر شهر ربيع الأول .
ذكر وقعة غازان ملك التتار بمجمع المروج ببلاد حمص
كانت هذه الوقعة يوم الأربعاء ، الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول ، سنة تسع وتسعين وستمائة . وذلك أن السلطان الملك الناصر ، لما رحل من دمشق ، إلى جهة حمص ، تواترت الأخبار بوصول التتار إلى وادي الخزندار . فسار السلطان إليهم ، وحث السير . فقطع ثلاث مراحل ، في مرحلة واحدة ، فأشرف على مجمع المروج ، وقد تعبت خيول العساكر الإسلامية ، وركب غازان في جيوش التتار ، ومن انضم إليها من الكرج والأرمن وغيرهم ، ومعه الأمير سيف الدين قبجاق ، والأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار ، والأمير فارس الدين البكي ، والأمير سيف الدين عزاز . والتقى الجمعان في الخامسة من النهار المذكور . فحملت الميسرة الإسلامية على ميمنة التتار ، فهزمتها أقبح هزيمة ، وقتل من التتار خلق كثير . فلما عاين غازان انهزام ميمنته ، اعتزل في نحو ثلاثين فارساً ، وعزم الفرار . فمنعه الأمير سيف الدين قبجاق ، وثبته ومناه بالظفر . وكان قصده بذلك ، فيما قال بعد عوده ، القبض على غازان عند استمرار الهزيمة بجيوشه .

الصفحة 241