كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 243 """"""
ذكر ما اتفق بدمشق بعد الوقعة ومفارقة العساكر الإسلامية في مدة استيلاء التتار عليها ، إلى أن فارقوا البلاد ، وعادوا إلى الشرق
كانت الأخبار وصلت إليهم بانهزام الجيوش الإسلامية ، وتحققوها في يوم السبت ، مستهل شهر ربيع الآخر . فتوجه من أمكنه السفر إلى الديار المصرية في هذا اليوم . فكان ممن توجه قاضي القضاة إمام الدين الشافعي ، وقاضي القضاة جمال الدين الزواوي المالكي ، وابن الشيرازي ، ومتولي مدينة دمشق ، ومتولي برها ، ومحتسب المدينة ، وجماعة كبيرة من أهل البلد ، ممن قدر على الانتزاح ، وفي ليلة الأحد ، أحرق المعتقلون بسجن باب الصغير بابه ، وخرجوا منه ، وكانوا نحو مائة وخمسين . وتوجهوا إلى باب الجابية ، وكسروا الأقفال ، وخرجوا منه . وبقي البلد لا حامي له ، ولا ممانع عنه . فاجتمع أكابر دمشق ، في يوم الأحد الثاني من الشهر ، بمشهد علي بالجامع الأموي . واتفقوا على أن يتوجهوا إلى الملك غازان ، ويسألوا الأمان لأهل البلد . فتوجه قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، وهو الخطيب يومئذ ، والشيخ تقي الدين بن تيمية ، والشيخ زين الدين الفارقي ، والقاضي نجم الدين بن صصري ، والقاضي شمس الدين الحريري ، والقاضي جلال الدين ابن القاضي حسام الدين ، وفخر الدين ابن الشيرجي ، وعز الدين بن الزكي ، ووجيه الدين بن متجا ، والرئيس عز الدين حمزة بن القلانسي ، وابن عمه الصدر شرف الدين ، وأمين الدين بن شقير الحراني ، والشريف زين الدين بن عدنان ، ونجم الدين بن أبي الطيب ، وناصر الدين بن عبد السلام ، وشريف الدين بن الشيرجي ، وشهاب الدين الحنفي ، والشيخ محمد بن قوام البالسي ، وجلال الدين أخو القاضي إمام الدين ، وجماعة كبيرة من القراء والفقهاء والعدول . وتوجهوا بعد صلاة الظهر ، من يوم الإثنين ، ثالث الشهر ، واجتمعوا بالملك غازان ، وهو عند النبك ، وهو سائر . ونزلوا عن مراكبهم . وقبّل بعضهم الأرض ، فوقف غازان بفرسه لهم . وترجل جماعة من التتار عن خيولهم . وتكلم الترجمان بينهم وبين الملك غازان ، وسألوا الأمان لأهل دمشق . وكان المخاطب له عن أهل دمشق ، فخر الدين بن الشيرحي . فقال غازان : الذي حضرتم بسببه من الأمان قد أرسلناه قبل وصولكم . وقدموا ما كان معهم من المأكول ، فلم يكن له وقع عندهم . وأذن لهم في الرجوع إلى دمشق ، فرجعوا . وكان وصولهم بعد صلاة العصر ، من يوم الجمعة ، سابع الشهر . ولم يُخطب في هذه الجمعة لسلطان .

الصفحة 243