كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 246 """"""
والنصيب الأكبر من البهجة والحبور ، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة ، والمملكة الظاهرة ، أناء الليل وأطراف النهار .
وكتب في خامس ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمائة . ولما قرئ هذا الفرمان ، حصل للناس بعض الطمأنينة ، وجلس التتار بالمقصورة إلى أن صلوا العصر ، وعادوا إلى منزلتهم بالبستان الظاهري . وأغلق الأمير علم الدين سنجر أرجواش أبواب قلعة دمشق ، وامتنع بها في أول هذه الحادثة .
واجتمع أهل دمشق في يوم الأحد تاسع الشهر بالقيمرية ، واهتموا في تحصيل الخيل والبغال والأموال ، ليرضوا بها التتار ، ونزل غازان ملك التتار بالغوطة ، في يوم الإثنين العاشر من الشهر ، وأحدقت الجيوش بالغوطة ؛ وقتلوا طائفة من أهل القرى .
ووصل الأمير سيف الدين قبجاق ، والأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار ، وغيرهما في هذا اليوم ، ونزلوا بالميدان . ولما مروا بالقلعة ، خاطبوا الأمير علم الدين سنجر أرجواش ، نائب القلعة ، وأشاروا عليه بتسليمها ، فسبهم أقبح سب .
وفي بكرة نهار الثلاثاء ، حادي عشر الشهر ، ورد مثال الأمير اسماعيل نائب التتار ، يأمر العلماء والمشايخ والرؤساء ، أن يتوجهوا إلى القلعة ، ويتحدثوا مع نائبها في تسليمها ، وأنه متى امتنع من ذلك ، دخل الجيش البلد ونهبها ، وسفكت الدماء . فاجتمع جماعة كثيرة إلى باب القلعة ، وسألوا الأمير علم الدين سنجر أرجواش ، أن يرسل إليهم رسولاً ، فامتنع وسبهم أقبح سب . وقال : قد وردت عليّ بطاقة من السلطان ، أنه جمع الجيوش بغزة ، وكسر الطائفة التي اتبعتهم من التتار ، والسلطان يصل عن قريب بعساكره .
ثم دخل قبجاق دمشق في يوم الأربعاء ثاني عشر الشهر ، وجلس بالمدرسة العزيزية ، وأمر العلماء والأكابر بمراجعة أرجواش في تسليم القلعة ، فتوجهوا إليه ، فلم يسمع كلامهم . وكُتب في هذا اليوم بالعزيزية فرامانات من شيخ الشيوخ نظام الدين محمود بن علي الشيباني ، ومقدم من مقدمي التتار ، ذكر أنه رضيع الملك غازان ، ومن قبجاق ، فلم تُجد نفعاً .

الصفحة 246