كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 247 """"""
وفي يوم الجمعة رابع عشر الشهر ربيع الآخر خطب لغازان على منبر دمشق ، بما رسم لهم به من الألقاب والنعوت وهي مولانا السلطان ، الملك الأعظم ، سلطان الإسلام والمسلمين ، مظفر الدنيا والدين ، محمود غازان . وصلى بالمقصورة جماعة من المغل . وحضر إلى المقصورة ، عقيب الصلاة الأمير سيف الدين قبجاق ، وصعد هو والأمير اسماعيل إلى سدّة المؤذنين . واجتمع جمع كثير من عامة الناس تحت النسر . وقرئ عليهم تقليد بتولية الأمير سيف الدين قبجاق الشام أجمع ، وعيّن فيه مدينة دمشق وحلب وحما وحمص وغير ذلك ، من الأعمال والجهات . وجعل إليه أن يولي القضاة ، والحكماء والخطباء ، وغيرهم . ونثر على الناس الذهب والدراهم ، فاستبشر الناس بولاية قبجاق ، ظناً منهم أنه يرفق بهم . وحضر في هذا اليوم شيخ الشيوخ نظام الدين محمود بن علي الشيباني ، إلى المدرسة العادلية . وأحضرت إليه ضيافة ، وأظهر العتب على أهل البلد ، كونهم لم يترددوا إليه . وذكر أنه يصلح أمرهم ، ويتفق معهم ، على ما يفعل ، في أمر القلعة . فقال بعض من حضر إن الأمير سيف الدين قبجاق يَخبِر أمر متولي القلعة . فقال شيخ الشيوخ : خمسمائة من قبجاق ما يكونون في خاتمي ، وعظّم نفسه تعظيماً كثيراً .
وفي يوم السبت خامس عشر الشهر ، ابتدئ بنهب جبل الصالحية ، وما به من الترب والمدارس وغيرها . فتوجه الشيخ تقي الدين بن تيمية إلى شيخ الشيوخ ، فركب إليهم في يوم الثلاثاء . فلما وصل إلى جبل الصالحية ، هرب من به من التتار ، ودخل أهل الجبل إلى دمشق عرايا في أسوأ حال .
وتوجه التتار إلى قرية المزة ، فنهبوها وسبوا أهلها . وتوجهوا إلى داريا ، وفعلوا كذلك ، وقتلوا جماعة من أهلها ، وقتل أهلها جماعة من التتار . فتوجه الشيخ تقي الدين بن تيمية ، يوم الخميس إلى الملك غازان ، وهو بتل راهط ، فدخل عليه ليشكو له ما جرى من التتار بعد أمانه ، فلم يمكّن من ذلك . وقيل له : إن شكوت إليه أمراً ، يقتل

الصفحة 247