كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 259 """"""
وعجزت كل طائفة من المسلمين والتتار ، عن ملاقاة الأخرى . وكان رجوعهم في جمادى الآخرة . وغلت الأسعار في هذه السنة بدمشق ، فبيعت غرارة القمح بثلثمائة درهم ، ورطل اللحم بتسعة دراهم ، ثم رخصت الأسعار .
وفيها ، استعفى الأمير سيف الدين قطلبك المنصوري من نيابة المملكة الطرابلسية ، فأعفي . وفوضت النيابة بها إلى الأمير سيف الدين استدمر كرجي .
وفيها ، فنيت الأبقار بالديار المصرية فناء ، لم يسمع بمثله . وحُكي لي أن بعض مشايخ البلاد بأشموم طناح ، كان يملك ألف رأس وأحد وعشرين رأساً من بقر الخيس ، فمات منها ألف رأس وثلاثة رؤوس ، وبقي له ثمانية عشر رأساً ، وغلت الأبقار بعد هذا الفناء ، حتى كادت تعدم . وبيع الثور منها بألف درهم وما يقارب هذا الثمن ، واستعمل الناس في السواقي بالديار المصرية لإدارتها ، الخيل والجمال والحمير .
ذكر خبر أهل الذمة وتغيير لباسهم وما تقرر في ذلك ، والسبب الذي أوجبه
في هذه السنة ، وصل وزير بلاد المغرب إلى الديار المصرية ، بسبب الحج . وتكلم مع الأمراء في أمر أهل الذمة ، وذكر ما هم فيه من الذل والصغار ببلاد المغرب ، وأنهم لا يمكنونهم من ركوب الخيل والبغال ، ولا يستخدمونهم في المناصب ، وذكر أشياء كثيرة من هذا القول . فرسم أن يعقد مجلس بحضور الحكام ، وندب لذلك قاضي القضاة شمس الدين السروجي الحنفي ، فجلس بالمدرسة الصالحية . وحضر القاضي مجد الدين بن الخشاب ، وكيل بيت المال ، وجماعة من الفقهاء ، وأحضر بطرك النصارى وجماعة من أساقفتهم ، وأكابر قسيسيهم ، وأعيان ملتهم وديان اليهود وأكابر ملتهم ، وسئلوا عما أقروا عليه في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، من عقد الذمة . فلم يأتوا عن ذلك بجواب . وبحث الفقهاء في ذلك ، فاقتضت

الصفحة 259