كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 260 """"""
المباحث بين العلماء ، أن يميز النصارى بلبس العمائم الزرق غير الشعري ، واليهود بلبس العمائم الصفر . وتميز نساء أهل كل ملة كذلك بعلامة تظهر . ولا يركبون الخيول ولا يحملون سلاحاً ، ويركبون الخيول الحمر بالأكف عرضاً من غير تزيين لها ولا قيمة ، ويتجنبون أوساط الطرق للمسلمين في مجالسهم عن مراتبهم ، ولا يرفعون أصواتهم على أصوات المسلمين . ولا يعلو بناؤهم على بناء المسلمين ، ولا يظهرون شعانينهم ، ولا يضربون بالنواقيس . ولا ينصّرون مسلماً ولا يهودونه . ولا يشترون من الرقيق مسلماً ولا من سباه مسلم ، ولا من جرت عليه سهام المسلمين . ومن دخل منهم الحمام يميز نفسه بعلامة عن المسلمين ، بجرس في حلقه . ولا ينقشون فصوص خواتيمهم بالعربية ، ولا يعلمون أولادهم القرآن ، ولا يستخدمون في أعمالهم الشاقة مسلماً ، ولا يرفعون النيران . ومن زنى منهم بمسلمة قتل .
وقال بطرك النصارى بحضرة جماعة العدول : حرّمت على أهل ملتي وأصحابي مخالفة ذلك ، والعدول عنه . وقال رئيس اليهود وديانهم : أوقعت الكلمة على أهل ملتي وطائفتي في مخالفة ذلك ، والخروج عنه . ونظمت المكاتيب بذلك ، ورسم بحمل الأمراء على حكمها . وكتب إلى سائر أعمال الديار المصرية بإجرائهم على ذلك . وكتب إلى أمراء الشام بذلك ، فالتزموا به في شعبان من السنة .
وتقرر بدمشق أن تلبس النصارى العمائم الزرق ، واليهود العمائم الصفر ، والسامرة العمائم الحمر . واستقر ذلك في سائر المملكة . إلا بالكرك ، فإن النائب بها الأمير جمال الدين آفش الأشرفي ، رأى إبقاءهم على حالتهم . واعتذر أن أهل الكرك نصارى ، وأن المسلمين بها قليل ، وأن هذا القدر يؤدي إلى ظهور كثرتهم للغريب ، وما أشبه هذه

الصفحة 260