كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 261 """"""
الأعذار . فاستقر ذلك بالكرك والشوبك إلى الآن .
وأخبرني الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري في سنة إحدى وسبعمائة وهو يومئذ أستاذ الدار السلطانية وشاد الدواوين بدمشق ، قال : ركبت في الموكب مع الأمير جمال الدين آقش الأفرم ، نائب السلطنة بها ، فمر بنا طائفة من أهل الذمة ، بالأقمشة النفيسة والعمائم اللانس . قال : فشق ذلك عليّ كونهم لم يتميزوا بعلامة . فذكرت ذلك لنائب السلطان ، وقررت معه أن يأمر بتغيير هيأتهم ، وأن تلبس النصارى العمائم الزرق ، واليهود العمائم الصفر ، والسامرة العمائم الحمر . وتقرر أن يطالع في ذلك ، فورد مثال السلطان بذلك ، قبل وصول المطالعة إليه ، ووافق تاريخ تلبيسهم بالديار المصرية ، التاريخ الذي حدثت نائب السلطان فيه بسببه . ولما منعوا من الاستخدام بالديار المصرية ، أسلم جماعة كثيرة من أعيانهم ، لأجل مناصبهم . فاستمروا بعد إسلامهم على ما كانوا عليه .
وقد وقفت على كتاب الدر الثمين في مناقب المسلمين ومثالب المشركين ، تصنيف محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكاتب . وهو كتاب خدم به السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوف ، رحمه الله تعالى .
وقد رأيت أن أذكر منه نبذة في هذا الموضع ، لتعلقه به ، فالشيء بالشيء يذكر . جاء في الكتاب المذكور ، في صدره ، بعد تفويض السلطان الملك الناصر المشار إليه ، نثراً ، والاستشهاد بأبيات من الشعر في معناه . ثم قال : وكان مولانا الملك الناصر ، خلد الله ملكه ، وأبقى دولته ، لما ملّكه الله الديار المصرية والشامية وما قاربها . ووعده على لسان عدله ، أن يفتح على يديه مشارق الأرض ومغاربها . انتصر لله ، وتعصب لدينه ، واجتهد في رضاه ، والعمل بحكم كتابه ، وسنة نبيه ، ولحقته الحمية الإسلامية ، وسار السيرة العمرية . وأمر بصرف الذمة وأن لا يتصرفوا ما بقيت هذه الأمة . وسطرها الكاتبان في صحائف حسناته . وأثبتها المؤرخون في محاسن سيرته ، ونظمها الشعراء في مدائح عقد مدائحه . وشغله النظر في مصالح الإسلام ، عن تميم هذا الاهتمام ، والأعمال بخواتيمها .

الصفحة 261